المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معجزة بعوضة فما فوقها بالصور



احساس غريب
12-29-2008, 01:33 PM
قبة الصخرة المشرفة

تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية فيالعالم: ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارةالإسلامية من جهة. ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارةالإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى، حيث جلبت انتباه واهتمام الباحثينوالزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا لما امتازت به من تناسق وانسجام بينعناصرها المعمارية والزخرفية حتى اعتبرت آية من في الهندسة المعمارية .
تتوسطقبة الصخرة المشرفة تقريباً ساحة الحرم الشريف، حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عنمستوى ساحة الحرم حوالي 4م، ويتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بهامن جهاتها الأربع .
بنى هذه القبة المباركة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، حيث بدأ العمل في بنائها سنة 66هـ/ 685م، وتم الفراغ منها سنة 72هـ/ 691م. وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسانفلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس.
وقد وضع تصميممخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة تدل على مدى إبداع العقليةالهندسية الإسلامية، حيث اعتمد المهندس المسلم في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاثدوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلاميالعظيم. وما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها، وتثمينتين داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتجفيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع.
فأما القبة التي جاءت بمثابةالدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس على رقبة تقوم على أربع دعاماتحجرية (عرض كل منها ثلاثة أمتار) واثنين عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيطبالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعاة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكونالقبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة. كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحتبالصفائح النحاسية المطلية بالذهب .
وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخلبالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية .
وأما التثمينة الداخلية فتحتوي على ثماني دعامات حجرية يتخللها بين كل دعامةوأخرى عمودان من الرخام تعلوها عقود نصف دائرية متصلة ببعضها البعض بواسطة جسورخشبية مزخرفة، حيث زينت هذه العقود بالزخارف الفسيفسائية المطلية بالذهب .
وأماالتثمينة الخارجية فتتألف من ثماني واجهات حجرية، فتح في أربع منها المقابلة للجهاتالأربع باب، كما فتح من كل واجهة منها خمسة شبابيك. وقد كسيت الواجهات من الداخلبالبلاط الرخامي الأبيض.
وأما من الخارج فقد كسي القسم السفلي للواجهات بالبلاطالرخامي الأبيض. وأما من الخارج فقد كسي القسم السفلي للواجهات بالبلاط الرخاميالأبيض والقسم العلوي بالقاشاني، علماً بأنها كانت مكسوة بالفسيفساء المزخرفة فيالفترة الأموية. وكما تم تغطية سقفي الرواقين الممتدين من التثمينة الخارجية وحتىالقبة بجمالونات خشبية صفحت من الداخل بألواح خشب دهنت وزخرفت بأشكال مختلفة، وأمامن الخارج فقد صفحت بألواح من الرصاص .

وأما القياسات الهندسية لأبعادالقبة فقد جاءت على النحو التالي:

قطر القبة الداخلي (29,44م) وارتفاعرقبتها (9,8م). قطر المبنى بشكل عام (52م) وارتفاعه (54م) وأما أضلاع المثمن فيبلغطول كل منها (20,60م) على ارتفاع (9,5). علماً بأن أبعاد الصخرة المشرفة نفسها (17,70م و 13,50م). ويقوم أسفل الصخرة المشرفة كهف صغير يعرف بالمغارة، مربع الشكلتقريباً (4,5 م2) ومتوسط ارتفاعه 3 م. وقد أقيم في جهته القبلية محرابان، أحدهماوهو الواقع في الجانب الشرقي للمغارة يعود إلى تاريخه للفترة الأموية والثاني فيالجانب الغربي لها والذي يعود تاريخه لفترات متأخرة .


تاريخ بناء قبة الصخرة المشرفة

لقد بات معروفاًتماماً أنه تم الفراغ من بناء قبة الصخرة المشرفة عام 76هـ/ 691م أي في فترةالخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، وذلك حسب النص الماديوالموجود حتى يومنا الحاضر والذي يتمثل بالنقش التذكاري المعمول من الفسيفساءالمذهبة بالخط الكوفي الأموي والواقع أعلى التثمينة الداخلية للقبة في الجهةالشرقية الجنوبية منها.
يقول النص (( .. بنى هذه القبة عبدالله الإمام المأمونأمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ..)) وهنا لا للقارئ أن يتساءلكيف تداخل اسم "المأمون" الخليفة العباسي (198-218 هـ/ 813 – 833م) مع التاريخ 72هـ .
والجواب هنا أنه أثناء أعمال الترميم التي جرت في فترة الخليفة العباسيالمأمون، قام أحد الفنيين بتغيير اسم عبد الملك الخليفة الأموي مؤسس وباني قبةالصخرة، ووضع مكانه اسم "المأمون" ولكنه نسي أن يغير التاريخ حيث تم اكتشاف الأمربسهولة، ولا نظن هنا أنه كان للمأمون رياً في هذا الأمر، وإنما جاء من قبيل الصدفةعلى يدي أحد الصناع .

ولكننا نقول حتى ولو تم تغيير التاريخ فإنه من الصعبالقبول به: ذلك أن التحليل المعماري لمخطط قبة الصخرة يعود بعناصره وزخارفه إلىالفترة الأموية وليست العباسية إضافة إلى ما ورد في المصادر التاريخية من نصوص تؤكدأن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان هو نفسه الذي قام ببناء هذه القبة وصرف علىبنائها خراج مصر لسبع سنين .
فلو أجرينا حسابات للمبالغ الطائلة التي أنفقتلبناء هذا المعلم الحضاري، والذي رصد لبنائه خراج أكبر ولاية إسلامية (مصر) ولمدةسبع سنوات فإننا سنجدها اليوم تقدر بملايين الدولارات. وإن دل هذا على شيء فإنمايدل على الاستقرار والرخاء الذي كان يعم الخلافة الإسلامية في الفترة الأموية والتيتعكس تأثير القوة الاقتصادية لهذه الخلافة الإسلامية الحديثة أمام الإمبراطوريتينالعظميين البيزنطية والفارسية في ذلك الوقت.

وهذا يقودنا إلى السؤال عنالسبب الكامن خلف بناء قبة الصخرة بهذه الفخامة والعظمة، فمما لا شك فيه أن السببالمباشر في بناء هذه القبة هو السبب الديني حيث لولا وجود "الصخرة" بالتحديد التيعرج عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسب ما هو مثبت في العقيدة الإسلامية لماورد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والروايات التاريخية المنقحة، فلولا وجودهذه الصخرة كرمز ديني إسلامي ارتبطت بمعجزة الإسراء والمعراج لما قدم الخليفة عبدالملك بن مروان ليشيد هذه القبة فوقها.
وهذا يجعلنا نستبعد التبرير السياسيالذي أورده اليعقوبي، واتهم فيه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بنية تحويل قبلةالحجاج عن الكعبة المشرفة في مكة المكرمة إلى الصخرة في بيت المقدس مانعاً في ذلكمبايعة الحجاج لعبدالله بن الزبير في مكة. إذ لا يخفى عن بال كل فطين شيعية المؤرخاليعقوبي ومدى معارضته للخلافة الأموية التي أكثر من تشويه صورتها أمام الخلافةالعباسية .
فليس من المنطق إذن أن نقبل رواية مدسوسة على الخليفة الذي حكم فترةتزيد عن العشرين سنة وعرف عنه خلالها الحزم والحكمة السياسية وقوة الإرادة وبعدالنظر والاهتمام بالعقيدة الإسلامية، فكيف يعقل لخليفة في مثل هذه الصفات وصاحبتاريخ عظيم، أن يقدم على التلاعب بركن من أركان الإسلام (الحج) بهذه البساطة التييرويها اليعقوبي .
ولكننا نتساءل هل كان ضرورياً أن يبنيها بهذه العظمةوالفخامة، إذ كان يستطيع أن يبنيها بشكل أبسط وغير مكلف، ولكن إذا أمعنا النظربالظروف التي أحاطت بتلك الفترة عشية بناء القبة وحللناها نجد أنه كان لا بد لأميرالمؤمنين الخليفة عبد الملك بن مروان أن يبني هذه القبة بهذا الشكل لإظهار عظمةوقوة الخلافة الإسلامية الحديثة في حينها أمام القوتين العظميين الفرس والروم. ذلكأنه إبان الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام، كان السكان في هذه البلاد إما نصارى أووثنيين ومنهم من دخل الإسلام مع الفتوحات، ولكنهم بقوا ضعفاء الإيمان فكيف لا وهماعتادوا على رؤية الحضارة البيزنطية تتألق من خلال مبانيها الفخمة مثل الكنائسوالقلاع وخاصة كنيسة القيامة في القدس الشريف وكنيسة المهد في بيت لحم. فما كانللخليفة الأموي إلا أن يبني هذه القبة العظيمة محاكياً فيها العمارة البيزنطيةليبين ويثبت للسكان مدى وقوة الدولة الإسلامية الجديدة .
وقد أكد هذا السببالمؤرخ الجليل المقدسي المتوفى عام 985م حينما وضحه أثناء مناقشته مع عمه (البناء) بخصوص العمارة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وولده الوليد، حيث يقولفي ذلك ما نصه على لسان عمه ((ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة القمامة (القيامة) وهيئتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين فنصب على الصخرة قبة على ما ترى ..)).


المسلمون والمحافظة على قبةالصخرة

وقد اهتم المسلمون برعاية وعناية قبة الصخرة المشرفة، على مرالفترات الإسلامية المتعاقبة، وبخاصة بعد ما كان يحدث بها من خراب جراء التأثيراتالطبيعية مثل الهزات الأرضية، والعواصف والأمطار والحرائق. فلم يتأخر أي خليفة أوسلطان في ترميمها والحفاظ عليها .
العباسيون
إن ما شاع عن العباسيين أنهملم يهتموا بالحرم الشريف وعمارته ليس صحيحاً، فقد أشرنا سابقاً إلى أنهم حافظوا قدراستطاعتهم على عمارته، ولكن على ما يبدو دون تغيير ملموس في ذلك الطابع المعماريالذي نفذه الأمويون، فقد قام الخليفتان المنصور والمهدي بترميم المسجد الأقصىالمبارك بعد الخراب الذي أصابه جراء الهزات الأرضية التي حدثت في تلك الفترات والذيسنأتي على شرحه لاحقاً .
ففي سنة 216هـ/ 831م، زار الخليفة العباسي المأمون (198-218 هـ/ 813 – 833م) بيت المقدس وكان قد أصاب قبة الصخرة شيء من الخراب فأمربترميمه وإصلاحه، والأمر تطور على ما يبدو ليصبح مشروع ترميم ضخم اشتمل على قبةالصخرة المشرفة، مما حدا بالمأمون أن يضرب فلساً يحمل اسم القدس لأول مرة في تاريخمدينة القدس وذلك في سنة 217 هـ كذكرى لإنجاز ترميماته تلك .
وفي عهد الخليفةالعباسي المقتدر بالله (295 –320/ 908 – 932م)، في سنة 301 هجرية/ 913 ميلادية، تمتأعمال ترميمات خشبية في قبة الصخرة اشتملت على إصلاح قسم من السقف وكذلك عمل أربعةأبواب خشبية مذهبة بأمر من أم الخليفة المقتدر، حيث تم الكشف عن ذلك من خلال شريطكتابي مكتوب بالدهان الأسود وجد على بعض الأعمال الخشبية في القبة، حيث كتب عليهاما نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم، بركة من الله لعبد الله جعفر الإمامالمقتدر بالله أمير المؤمنين حفظه الله لنا، مما أمرت به السيدة أم المقتدر باللهنصرها الله، وجرى ذلك على يد لبيد مولى السيدة، وذلك في سنة إحدى وثلثماية)) .

احساس غريب
12-29-2008, 01:34 PM
الفاطميون

وفي الفترة الفاطمية تعرضت فلسطين لهزات أرضية عنيفة: منها التي حدثت سنة 407 هـ/ 1016 م، والتي أدت إلى إصابة قبة الصخرة وإتلاف بعض أجزاء القبة الكبيرة، حيث بدئ بترميمها في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (386 – 411هـ/ 996-1021) واستكمل في عهد ولده الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله (411-427هـ/1021-1036م). وقد اشتملت الترميمات على القبة وزخارفها وتمت على يدي علي بن أحمد في سنة 413هـ/1022 م، وذلك حسب ما ورد في الشريط الكتابي الواقع في الدهليز الموجود في رقبة القبة.

الاحتلال الصليبي

لقد عانت قبة الصخرة كثيراً مثلما عانت معظم المساجد الإسلامية في فلسطين من الاحتلال الصليبي .
فعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493هـ/ 1099م، قاموا بتحويل مسجد قبة الصخرة إلى كنيسة عرفت بذلك الوقت باسم "هيكل السيد العظيم، فانتهكوا قدسيتها وبنوا فوق الصخرة مذبحاً ووضعوا فيها الصور والتماثيل. مبيحين في ذلك ما حرمه الإسلام في أماكنه المقدسة.

ومن الطريف بالأمر أن قساوسة ذلك الوقت اعتادوا على المتاجرة بأجزاء من الصخرة، كانوا يقتطعوها من الصخرة ليبيعوها للحجاج والزوار ليعودوا بهذه القطع إلى بلادهم بحجة التبرك والتيمن بها. وعلى ما يبدو أنها كانت تجارة رابحة جداً للقساوسة، حيث كانون يبيعون تلك القطع بوزنها ذهباً، الأمر الذي حدا بملوك الفرنج إلى كسوة الصخرة بالرخام وإحاطتها بحاجز حديدي مشبك لحمايتها والإبقاء عليها خوفاً من زوالها إذا استمر القساوسة بهذه التجارة.

الأيوبيون

ولم يشأ الله عز وجل أن يطيل معاناة قبة الصخرة المشرفة من ذلك الاحتلال الغاشم، حتى هيأ سبحانه وتعالى القائد الجليل صلاح الدين (564 – 589 هجرية/ 1169-1193 ميلادية) لتحرير فلسطين واستردادها من الصليبيين سنة 583هجرية/ 1187 ميلادية.
وبذلك تطهرت قبة الصخرة المشرفة من النجس الذي كان عالقاً بها، حيث قام صلاح الدين بإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الصليبيين وإزالة جميع بصماتهم التي وضعوها عليها، فقد قام بإزالة المذبح الذي أضافوه فوق الصخرة والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى، حيث تم تجديد تذهيب القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوباً من خلال الشريط الكتابي الواقع بداخل القبة والذي جاء فيه ما نصه: ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته. وذلك في شهور سنة ست وثمانين وخمسمائة)) .
هذا ولم يغفل المجاهد صلاح الدين عن متابعة مبنى قبة الصخرة والحفاظ عليها، فنراه قد رتب للمسجد إماماً وعين لخدمته سدنة ووقف عليه الوقوفات لكي ينفق ريعها لصالح قبة الصخرة المشرفة.
وقد استمر الأيوبيون بعد صلاح الدين بالاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن معظمهم كانوا يكنسون الصخرة بأيديهم ثم يغسلونها بماء الورد باستمرار لتظل نظيفة معطرة، كما أن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين (589-595 هجرية/ 1193-1198ميلادية)، قام بوضع الحاجز الخشبي الذي يحيط الصخرة لحمايتها بدلاً من الحاجز الحديدي الذي وضعه الصليبيون .

المماليك

وفي الفترة المملوكية لم ينس سلاطين المماليك متابعة الاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها. فقد قام السلطان الملك الظاهر بيبرس (658 – 676هجرية/ 1260 – 1277ميلادية) بتجديد الزخارف الفسيفسائية التي تكسو الأقسام العلوية الواقعة في واجهات التثمينة الخارجية وذلك سنة 699 هجرية/ 1270 ميلادية.

أما السلطان الناصر محمد بن قلاوون وفي فترة سلطنته الثالثة (709 –741هجرية/ 1309-1340 ميلادية) والذي اعتبر من مشاهير سلاطين المماليك الذين اهتموا بالإنجازات المعمارية بصورة عامة، مثله مثل الوليد بن عبد الملك في الفترة الأموية، فقد قام السلطان ابن قلاوون بأعمال صيانة وترميم عديدة في قبة الصخرة نذكر منها: تجديد وتذهيب القبة من الداخل والخارج في سنة 718 هجرية/ 1318 ميلادية) وذلك حسب ما ورد بالشريط الكتابي الموجود في أعلى رقبة الداخلية حيث جاء ما نصه ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد وتذهيب هذه القبة مع القبة الفوقانية برصاصها مولانا ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه السلطان محمد بن الملك المنصور الشهيد قلاوون تغمده الله برحمته. وذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة)). وكما أنه قام بتبليط فناء (صحن) قبة الصخرة المشرفة الذي يحيط بها .
وفي عهد السلطان الملك الظاهر برقوق وفي فترة سلطنته الأولى (784-791هجرية/ 1382 –1389ميلادية)، تم تجديد دكة المؤذنين الواقعة إلى الغرب من باب المغارة مقابل الباب الجنوبي (القبلي) لقبة الصخرة، وذلك في سنة 789هجرية/ 1387ميلادية) على يدي نائبه بالقدس محمد بن السيفي بهادر الظاهري نائب السلطنة الشريفة بالقدس وناظر الحرمين الشريفين، حسب ما ورد في النص التذكاري الموجود عليها.
وفي عهد السلطان الملك الظاهر جقمق (842 – 857هجرية/ 1438 – 1453ميلادية)، تم ترميم قسم من سقف قبة الصخرة الذي تعرض للحريق إثر صاعقة عنيفة.
وقد حافظ سلاطين المماليك على استمرارية صيانة وترميم قبة الصخرة والحفاظ عليها إما عن طريق الترميمات الفعلية أو عن طريق الوقوفات التي كانت بمثابة الرصيد المالي الدائم لكي يضمن النفقات والمصاريف على مصلحة مسجد قبة الصخرة المشرفة. فعلى ما يبدو أنه في حال لم يكن هناك ترميمات، اهتم السلاطين برصد الأموال اللازمة لها في حين الحاجة، فنجد السلطان الملك الأشرف برسباي (825-841هجرية/ 1422-1437ميلادية)، قد أمر بشراء الضياع والقرى ووقفها لرصد ريعها للنفقة على قبة الصخرة المشرفة، حيث جاء في النص الوقفي ما نصه: ((جدده وأنشأه ناظر الحرمين الشريفين أثابه الله الجنة وهو مشتراه مما ثمره من مال الوقف من أجور المسقفات في كل شهر ألفا درهم خارجاً عن تكملة جوامك المستحقين وما جدده وأنشأه من الحمام الخراب بحارة حواصل قرية العوجاء والنويعمة بالغور ومرتب الجرجان الواردين تمامه وأن يصرف جميع متحصل ذلك برسم عمارة المسجد الأقصى الشريف والصخرة الشريفة مهما حصل من ذلك يرصد حاصلاً لصندوق الصخرة المشرفة أرصد ذلك جميعه برسم العمارة خاصة إرصاداً صحيحاً شرعياً بمقتضى المرسوم الشريف المعين تاريخه أعلاه ورسم أن ينقش ذلك في هذه الرخامة حسنة جارية في صحائف مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه على مستمرة الدوام الشهور والأعوام فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ومضاف إلى ذلك فائض الزيت والجوالي اللهم من فضل هذا الخير وكان سبب فيه جازه الجنة والنعيم ومن غيره أو نقصه جازه العذاب الأليم في الدنيا والآخرة)) .

العثمانيون

نستطيع القول أن تاريخ بناء قبة الصخرة المشرفة قد دخل مرحلة جديدة وطويلة في الفترة العثمانية التي استمرت أربعة قرون، حيث لم تنقص أهمية المحافظة والصيانة لقبة الصخرة، بل قل إنها زادت وتضاعفت.
فكان أول سلاطين العثمانيين الذين اهتموا بقبة الصخرة ورعايتها، هو السلطان سليمان القانوني (926-974هجرية/ 1520-1566ميلادية)، الذي استطاع أن يصبغ قبة الصخرة بالفن العثماني من خلال مشروعه الكبير المشار إليه في نقشه التذكاري الموجود فوق الباب الشمالي لقبة الصخرة والذي اشتمل على استبدال الزخارف الفسيفسائية التي كانت تغطي واجهات التثمينة الخارجية والتي ظلت قائمة منذ الفترة الأموية، فترة تأسيس وبناء قبة الصخرة وحتى الفترة العثمانية، وقد استبدلت بالبلاط القاشاني المزجج والملون في سنة 959هجرية/ 1552ميلادية، مما أكسب قبة الصخرة روعة وجمالاً فائقين من الخارج كما هي من الداخل .
كما قام بتجديد النوافذ الجصية الواقعة في رقبة القبة وذلك في سنة 945هجرية/ 1538ميلادية .
ولقد حرص سلاطين العثمانيين بشدة خلال فترات توليهم الطويلة على استمرارية الحفاظ على مسجد قبة الصخرة، حتى أنهم قاموا بتشكيل لجنة لتختص بشؤون إعمار قبة الصخرة والمسجد الأقصى، تألفت من شيخ الحرم وأمين البناء وأمين الدفتر.
ومن مشاريع الترميمات العثمانية المهمة تلك التي أنجزت في عهدي السلطانين عبد المجيد الأول (1255-1277 هجرية/ 1839-1861ميلادية)، والسلطان عبدالعزيز (1277-1293هجرية/ 1861-1876ميلادية)، حيث تم إنجاز أعمال ترميمات ضخمة استمرت مدة من الزمن، كلفت خزينة الدولة أموالاً طائلة، حيث استدعي خبراء ومهندسون من خارج البلاد لتقوية وصيانة المبنى الأساسي للقبة وزخارفها من الداخل والخارج.
وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1293-1327 هجرية/ 1876-1909ميلادية)، تم كتابة سورة (يس) الموجودة حالياً في أعلى واجهات التثمينة الخارجية، وقد كتبت بالخط الثلث على القاشاني، كما أمر السلطان عبد الحميد بفرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد الثمين.
ومن الجدير بالإشارة إلى القبة الصغيرة التي تقوم إلى الغرب من مدخل المغارة والتي على ما يظهر أنها أضيفت في الفترة العثمانية والتي عرفت بحجرة شعرات النبي عليه السلام، وقد قال المؤرخ المقدسي الجليل عارف العارف بخصوصها ما نصه(.. وقد عهد إلى آل الشهابي من الأسر القديمة في بيت المقدس بمهمة الاحتفاظ بهاتين الشعرتين من شعر النبي ويحتفل القوم بها مرة في كل سنة، .. في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان..)) .

المجلس الإسلامي الأعلى

هذا وقد أخذ المجلس الإسلامي الأعلى على عاتقه مسؤولية الحفاظ على قبة الصخرة المشرفة، حيث قام في الفترة ما بين 1936-1948م، بأعمال الترميم اللازمة والضرورية فيها مستعيناً بالخبراء والمختصين في هذا المجال.
وقد استمرت الترميمات في العهد الأردني، حيث سنت الحكومة الأردنية في سنة 1954م، قانون أسمته (قانون إعمار المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة لسنة 1954م)، خولت فيه مجلس الوزراء تعيين لجنة لإعمار المسجدين. ومنذ ذلك الحين وحتى هذا اليوم واللجنة تقوم بمسؤولياتها تجاه إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة. .

شذى الإيمان
01-01-2009, 10:42 AM
http://www.gulfup.com/uploads/12307945487.gif (http://www.gulfup.com/download.php?img=108674)

احساس غريب
01-01-2009, 12:24 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .