العلاج لهذا الداء علاج اللفتور :

أولا: أنك لن توفق للطاعة إلا بتوفيق الله لك

، فالموفق من وفقه الله ، والمخذول من خذله الله ، نسأل الله أن يوفقنا جميعا لطاعته ، إنه ولي ذلك ومولاه .
روى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في السنن بسند صحيح من حديث أنس أن النبي r قال : (( إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله )) قيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال : (( يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه )) (
[1][2]) .

ثانيا : القصد والاعتدال في الطاعات بلا إفراط أو تفريط ، فخير الأمور الوسط .
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أنه r قال : (( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )) (
[2][3]).

وفي الصحيحين من حديث أنس أن النبي r دخل المسجد يوما فوجد حبلا مربوطا بين ساريتين – أي : بين عمودين – فقال النبي r: (( ما هذا )) ؟ قالوا : حبل لزينب إذا فترت تعلقت به .. لا إله إلا الله ، أم المؤمنين ربطت الحبل تقف تصلي ، إذا فترت تعبت ، أحست بشيء من التكاسل أو التراخي تتعلق بالحبل لتقيم نفسها بين يدي الرب ، فماذا قال الحبيب r ؟ .. قال : (( حلوه حلوه )) ثم قال : (( ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد))(
[3][4]).
وفي الصحيحين من حديث أنس قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي r يسألون عن عبادته ، فلما أخبروا عنها كأنهم تقالوها فقالوا : أين نحن من رسول الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟! فقال أحدهم : أما أنا اصلي الليل أبدا وقال الآخر : أما أنا أصوم الدهر ولا أفطر أبدا ، وقال الثالث : وأما أنا فأعتزل النساء ولا أتزوج أبدا . فلما أخبر النبي r بخبرهم قال: (( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ))(
[4][5]).

ثالثا : التدرج في الطاعة :

لكن افهم معنى التدرج فبعض الناس يظن أن التدرج هو أن يصلي مثلا الفرائض ، وأن يؤجل الصيام حتى يتقن الصلاة ، هذا خلل في فهم التدرج ، لكن ....
التدرج معناه أن تبدأ بالأسهل فالأسهل ، وبالأحب إلى قلبك . أن تبدأ مثلا قيام الليل إن كنت ممن لا يقومون الليل أن تبدأ بركعة أو أن تبدأ بثلاث ركعات ، وهكذا وهكذا حتى تصلي إحدى عشر ركعة ، أو تبدأ بالأحب إلى قلبك .
فتح الله لك باب الدعوة إلى الله ابدأ بالدعوة إلى الله ، فتح الله لك باب الذكر ، ابدأ بالذكر، إن فتح الله لك باب الإحسان للفقراء ، ابدأ بهذا الباب ، افتح هذا الباب ، ليفتح الله – عز وجل – لك بعده أبوابا أخرى فضل الله عظيم ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
لكن لابد من أن تعي التدرج قالت عائشة - والحديث في البخاري : (( إن أول ما أُنزل من القرآن سورة فيها ذكر للجنة والنار ، حتى إذا تاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، لا تزنوا لا تشربوا الخمر ، تقول : ولو نزل أول ما نزل : لا تشربوا الخمر ولا تزنوا لقالوا لا ندع الخمر ولا الزنا أبدا )) (
[5][6])
وهذا ما فهمه الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز حين جاءه ولده البار عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز شاب في ريعان شبابه ، لم يبلغ السابعة عشرة ، من عمره لما تولى والده الخلافة وبويع في المسجد ، وذهب عمر بن عبد العزيز ، ليستريح قليلا فذهب إليه ولده وقال: يا أبت يا أبت ماذا تصنع تنام قبل أن ترد المظالم إلى أهلها ما لي أراك لا تحمل الناس على الحق ، ثم قال الولد بحماس فوار وإخلاص كبير : والله لا أبالي إن غلت القدور بي وبك في الله – يعني لا أبالي إن وضعت أنا وأنت في قدر يغلي فيه ماء أو زيت ما دام عملنا لله .
فقال عمر بن عبد العزيز العالم الفقيه الراشد : يا بني لا تعجل إن الله – جل وعلا – ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة ، وإني أخشى أن أحمل الناس على الحق جملة واحدة فيدعوا الحق جملة واحدة ، فتكون فتنة هذا هو الفهم .
رابعا : صحبة الأخيار من أصحاب الهمم العالية
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري أن الحبيب النبي r قال : (( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير )) (
[6][7]).
وقال علي بن المديني إمام الجرح والتعديل : بقد أعز الله الدين بأبي بكر يوم الردة وبأحمد بن حنبل يوم المحنة ، فإن من الناس ناسا تذكرك وجوههم بالله .
ناهيك عن كلماتهم وأفعالهم، وإن من الناس ناسا تذكرك وجوههم بالشيطان وبالمعاصي وتستثير كلماتهم شهواتك الكامنة ، وتحرك كلماتهم ووجوههم وكلماتهم غرائزك الهاجعة، فإياك أن تصحب هؤلاء واصحب الأخيار الأطهار الأبرار ، ممن يذكرونك بالعزيز ا
سادسا : عمل اليوم والليلة
من الأذكار والصلوات والقرآن والذكر والاستغفار إلى غير ذلك ، المحافظة على الصلوات في جماعة ، المحافظة على الورد اليومي للقرآن ، المحافظة على أذكار الصباح والمساء ، والذكر المطلق ، المحافظة والمداومة على الاستغفار في السحر لتكتب عند الله من المستغفرين بالأسحار ، المحافظة على التذلل والتضرع والتزلف والدعاء لرب الأرض والسماء ، المحافظة على عمل اليوم والليلة فما تقرب إلى الله – جل وعلا – عبد بأحب مما أفترض الله – تبارك وتعالى – عليه كما في الحديث القدسي : (( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلى عبد بشيء أحب إلى مما افترضته عليه ولا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ))(
[7][8]).

خامسا أكثروا من ذكر الموت وزورا المقابر من آن لآخر .

فإن هذا يذكرنا بالله ويذكرنا بالآخرة قال r كما في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث أنس : (( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع الله عليه شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له))(1).



سابعا : ذكر الجنة والنار

إن ذكرت الجنة هان عليك كل شيء ، وإن ذكرت النار هربت من كل معصية ، فأكثر من ذكر الجنة والنار ، لتعمل من أجل الجنة ـ ولتفر من أجل النار ، فالفرار نوعان : فرار السعداء ، وفرار الأشقياء ، فرار السعداء هو الفرار إلى الله بطاعته ، وفرار الأشقياء هو الفرار من الله والإعراض عن طاعته ، قال جل وعلا : {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ } [ الذاريات/50] ففر إلى الله بالطاعة ، لتكون من أهل الجنة ، وفر إلى الله بالبعد عن المعصية لينجيك الله – جل وعلا – من النار .

ثامنا : فهم السنن الربانية في الكون ،
حتى لا تصطدم مع أول محنة أو فتنة فإن تعرضت الأمة إلى أزمة في فلسطين ، أو لأزمة في العراق أو لأزمة في أفغانستان ، فلتنظر نظرة أعمق ونظرة أشمل ، ونظرة أوسع إلى واقع الأمة كلها ، فالإسلام ما ضاع ولن يضيع ، الأمة مرضت لكنها ما ماتت ولن تموت ، لأنها الأمة الخاتمة التي شرفها الله بحمل الرسالة الخاتمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها إنما هي جولة من جولات الصراع ، ودولة من دولات الحرب بين الحق والباطل قال–جل وعلا: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}
[آل عمران/140] .

تاسعا : المحافظة على مجلس من مجالس العلم
لتجدد فيه إيمانك وليتجدد فيه معرفتك بالله ، وبرسول الله r وبالحلال والحرام .
أنفق من وقتك بل أنفق من مالك ، بل أنفق من عرقك وجهدك لتسافر هنا أو هنالك لعالم رباني أو لداعية من الدعاة الصادقين ممن يذكرونك برب العالمين ويقربونك من منهج سيد النبيين r .


وأخيرا : وصية الختام :
وهي وصية سيدنا رسول الله r لأبي عمرة سفيان بن عبد الله وحديثه في صحيح مسلم قال: قلت : يا رسول الله قل لي فيالإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك أو لا أسأل عنه أحدا بعدك . فقال له المعلم والمربي r : (( قل آمنت بالله ثم استقم )).
أيها الصائم ! أيها القائم ! أيها الذاكر ! أيها المستغفر في السحر ! أيها المتصدق في النهار ! أيها التائب المجدد للتوبة ! في كل أيام رمضان((قل: آمنت بالله ثم استقم))،قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ{31} نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } [ فصلت / 32،30] .

م..ن
ヾヾヾヾヾヾヾヾヾヾヾヾヾ