بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كان أحـد المـلـوك يحب أكل السمك ، فجاءه يوما صياد ومعه سمكه كبيرة ، فأهداها للملك ووضعها بين يديه ، فأعجبته ، فأمر له بأربعة آلاف درهم


فقالت له زوجته :بئس ما صنعت .


فقال الملك :لما ؟




فقالت : لأنك إذا أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك ، هذا القدر ، قال " قد أعطاني مثل عطية الصياد "



فقال: لقد صدقت ، ولكن يقبح بالملوك ، أن يرجعوا في هباتهم ، وقد فات الأمر

فقالت له زوجته : أنا أدبر هذا الحال ،


فقال : وكيف ذلك ؟


فقالت : تدعو الصياد ، وتقول له " هذه السمكة ذكر هي أم أنثى ؟ " فإن قال ذكر ، فقل إنما طلبت أنثى ، وإن قال انثى قل إنما طلبت ذكرا .


فنودي على الصياد فعاد ، وكان الصياد ذا ذكاء وفطنة ،


فقال له الملك : هذه السمكة ذكر أم انثى ؟


فقال الصياد : هذه خنثى ، لا ذكر ولا أنثى ؟


فضحك الملك من كلامه وأمر له بأربعة آلاف درهم ، فمضى الصياد إلى الخازن ، وقبض منه ثمانية آلاف درهم ، وضعها في جراب كان معه ، وحملها على عنقه ، وهم بالخروج ، فوقع من الجراب درهم واحد ، فوضع الصياد الجراب عن كاهله ، وانحنى على الدرهم فأخذه، والملك وزوجته ينظران اليه ،


فقالت زوجة الملك للملك :أرأيت خسة هذا الرجل وسفالته ، سقط منه درهم واحد ، فألقى عن كاهله ثمانية آلاف درهم ، وانحنى على الدرهم فأخذه ، ولم يسهل عليه أن يتركه ، ليأخذه غلام من غلمان الملك


فغضب الملك منه


وقال لزوجته : صدقت .


ثم أمر بإعادة الصياد

وقال له : ياساقط الهمة ، لست بإنسان ، وضعت هذا المال عن عنقك ، لأجل درهم واحد ، وأسفت ان تتركه في مكانه ؟


فقال الصياد : أطال الله بقاءك أيها الملك ، إنني لم أرفع هذا الدرهم لخطره عندي ، وإنما رفعته عن الأرض ، لأن على وجهه صورة الملك ، وعلى الوجه الآخر إسم الملك، فخشيت أن يأتي غيري بغير علم ، ويضع عليه قدميه ، فيكون ذلك استخفافا باسم الملك ، وأكون أنا المؤاخذ بهذا


فعجب الملك من كلامه واستحسن ما ذكره ، فأمر له بأربعة آلاف درهم .


فعـاد الصياد ومعه اثنا عشر ألف درهم ،


وأمر الملك مناديا ، ينادي


لا يتدبر أحد برأي النساء ، فإنه من تدبر برأيهن ، وأتمر بأمرهن ، فسوف يخسر ثلاثة أضعاف دراهمه

من بريدي