[align=center]من الذكريات..

خرجنا مرة للبر.. وكان معنا أبو خالد..صديق لنا نظره ضعيف جداً..كنا نخدمه..نقرب إليه الماء..التمر .. القهوة..وهو يردد: لابد أن أساعدكم..أريد أن أشتغل معكم..كلفوني بأي عمل .. ونحن ننهاه عن ذلكـ..

ذبحنا شاة معنا.. وقطعناها ووضعناها في القدر.. تمهيداً لطبخها

.. ولم نشعل النار بعد.. وانشغلنا بنصب الخيمة..وترتيب الأغراض..

تحركت الشهامة في أبي خالد_ وياليتها لم تفعل_ فقام وتوجه إلى القدر

..فرأى اللحم فأدركـ أن أول شيء سنفعله هو أن نصب الماء على اللحم..

فتوجه إلى الأغراض في السيارة. وجعل يتلمس الأغراض ..مولد كهرباء..أسلكـ..مصابيح..أربع مطارات بلاستيكـ فيها ماء..وبنزين وأغراض أخرى..

ألتقط أقرب مطارة لديه..وأقبل بها مبتهجاً إلى القدر.. وأفرغ نصفها فيه..لمحه

أحدنا ..فصرخ به..لا ..لا..أبو خالد..وهو يردد:خلوني أشتغل..خلوني..

فسحبنا المطارة منه فوراً.. وغرقنا في الضحكـ الذي يغالبه البكاء..

لأننا إكتشفنا أنها مطارة بنزين..وليست مطارة ماء..!! وتغدينا على خبز وشاي..

لم تفسد الرحلة..بل كانت من أمتع الرحلات..ولماذا نعذب انفسنا بأمر قد انتهى..

وأذكر ايضاً:

لما كنت بالثانوية خرجت مع بعض الزملاء في رحلة..

تعطلت بطارية إحدى السيارات..أقبلنا بسيارة اخرى وأوقفناها أمامها لنوصل ببطاريتها البطارية المتعطلة..

أقبل طارق ووقف بين السيارتين.. وشبكـ الأسلاكـ في بطارية السيارة الأولى..

ثم شبكها في البطارية المتعطلة..ثم أشار لأحد الشباب..شغل السيارة..

ركب صاحبنا.. وكان ناقل الحركة(القير) على رقم واحد..فما إن شغل السيارة حتى قفزت السيارة

إلى الأمام وصكت ركبتي طارق بين صدامي السيارتين..ووقع على الأرض مصاباً..

وصاحبنا في السيارة يردد: اشغل مرة ثانية؟!!

أبعدنا السيارتين .. وساعدنا طارق على المشي..كان يعرج ويتألم من ركبتيه
بشدة..لكنه أعجبني أنه لم يزد ألمه بصراخ أو سب .. أو توبيخ.زبل إبتسم وأظهر الرضا..

وما فائدة الصراخ؟والأمر قد إنتهى.. وصاحبنا أدركـ خطأه..

إذا أردت أن تستمتع بحياتكـ..فاعمل بهذه القاعدة:

لا تهتم بصغائر الأمور..

نحن أحياناً نعذب أنفسنا..ونجلدها..ونضيق ونتألم..والألم لا يحل المشكلة.. أفرض أنكـ:

دخلت إلى حفل عرس..وقد لبست ثوباً حسناً..ووضعت فوق راسكـ غترة وعقالاً..

حتى صرت أجمل من العريس!!

وبدأت تصافح الناس واحداً واحداً.. وفجأة أقبل طفل من ورائكـ.. وتعلق بطرف
غترتكـ.. وسحبها فسقطت الغترة والعقال.ز والطاقية.ز وصار شكلك مضحكاً..كيف تتصرف؟

كثير منا يتعامل مع هذه المشكلة بأسلوب هو ليس حلاص لها..يركض وراء

الصغير.. يصرخ..يسب..يلعن..والنتيجة: أنه حقق ماكان يريده الطفل من جذب

انتباه..وضجة..وأضحك الناس عليه..وربما صوره بعضهم وصار بلوتوثاً يتناقلونه..!!

أنت هنا _حقيقة_لا تعذب الطفل إنما تعذب نفسكـ..

أو أفرض أنك..لبست ثوباً جديداً.. ربما لم تسدد قيمته بعد..وذهبت إلى شركة لتقدم

على وظيفة.زمررت بأحد الأبواب كان مدهوناً بالطلاء للتو..وبجانبه لوحة تحذيرية لم تنتبه لها..

وفجأة مسحت نصف الطلاء بثوبك..وطفق عامل الطلاء يصرخ بك ساباً غضباً..كيف تتعامل نع هذه المشكلة؟

نحن في كثير من الأحيان أيضاً نتعامل معها بأسلوب ليس حلاً لها نثور..نسب العامل,,لمَ لم تضع لوحة واضحة..

فيرد عليك بغضب.. وقد تكون النتيجة أن تتلطخ بتراب الأرض أكثر مما تلطخت بطلاء الباب!!

على رسلكـ..هل تدري أنك بتصرفك هذاتعذب نفسك..وتجلد ذاتك..

وقل مثل ذلك لو:

تزينت وذهبت خاطباً..فمرت بك سيارة وأنت خارج من البيت ..ورشت عليكـ من ماء

كان متجمعاً على الأرض..هل ستعذب نفسكـ.زفتصرخ وتزعق بالسيارة وركابها..وهي قد ولتك ظهرها؟

وكذلك..لا داعي لأن نتذكر دائماً الآلام التي مستنا في حياتنا..

محمد صلى الله عليه وسلم مرت به لحظات حزينة في حياته..حتى جلس يوماً مع زوجه الحنون عائشة رضي الله عنها..في لحظة ساكنة..فسألته:
هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد؟

مرت تلك المعركة في ذاكرة النبي صلى الله عليه وسلم..آآآه..ما أقسى ذلك اليوم..

يوم قتل عمه حمزة وهو من أحب الناس إليه..يوم وقف ينظر إلى عمه وقرة عينه.. وقد جدع أنفه..وقطعت أذناه..وشق بطنه..ومزق جسده..

يوم كسرت أسنانه صلى الله عليه وسلم..وجرح وجهه..وسالت منه الدماء..
يوم قتل أصحابه بين يديه..يوم عاد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة..وقد نقص سبعون من أصحابه..فرأى النساء الأرامل والأطفال اليتامى..يبحثون عن احبابهم وأبائهم..آآآآه..

فعلاً كان ذلك اليوم قاسياً..

كانت عائشة تنتظر الجواب..فقال صلى الله عليه وسلم: مالقيت من قومك كان اشد منه..

يوم العقبة..إذ عرضت نفسي..ثم ذكر لها قصة استنصاره بأهل الطائف..وتكذيبهم له..

ورمي سفهائهم له بالحجارة حتى أدموا قدميه..

ومع وجود هذه الآلام في تاريخ حياته صلى الله عليه وسلم..إلا أنه كان لا يسمح لها

أن تنغص عليه استمتاعه بالحياة..لا تستحق الألتفات إليها..وقد مضت آلامها وبقيت حسناتها,,

إذن لا تقتل نفسك بالهم..وكذلك لا تقتل الناس بالهم واللوم..

نحن أحياناً نتعامل مع بعض المشاكل بأساليب هي في الحقيقة ليست حلاً لها..

كان الأحنف بن قيس سيد بني تميم..ولم يكن سادة قومه بقوة جسد ..ولا كثرة مال ..ولا ارتفاع نسب..وانما سادهم بالحلم والعقل..

حقد عليه قوم..فأقبلوا إلى سفيه من سفهائهم وقالوا له:

هذه ألف درهم على أن تذهب إلى سيد بني تميمي..الأحنف بن قيس..فتلطمه على وجهه..

مضى السفيه ..فإذا الأحنف جالس مع رجال..محتبياً بكل رزانة..قد ضم ركبتيه إلى صدره

..وجعل يحدث قومه..اقترب السفيه منه..ودنا..ودنا..فلما وقف عنده.

.مدٌ الأحنف إليه رأسه ظاناً أنه سيسُر إليه بشيء..

فإذا بالسفيه يرفع يده ويلطم الأحنف على وجهه لطمة كادت أن تمزق خده!!نظر الأحنف إليه..ولم يحل حبوته..بل قال بكل هدووووء..

لماذا لطمتني؟!!

قال : قوم أعطوني ألف درهم على أن ألطم سيد بني تميم..

فقال الأحنف..آآآه..ما صنعت شيئاً..لست سيد بني تميم..!

قال :عجباً!! فأين سيد بني تميم..

قال: هل ترى ذاك الرجل الجالس وحده..وسيفه بجانبه؟

وأشار إلى رجل اسمه حارثة بن قدامة..امتلأ غضباً وغيضاً ..لو قسم غضبه على أمة لكفاهم..

قال : نعم آراه..الجالس هناك؟!

قال : نعم..فاذهب والطمه لطمة..فذاك سيد بني تميم..

مضى الرجل إليه: واقترب من حارثة..فإذا عينا حارثة تلتمع شرراً.. وقف السفيه

عليه..ورفع يده ولطمه على وجهه..فما كادت يده تفارق خده حتى التقط الحارث سيفه وقطع يده؟؟!!

وقديماً قيل: الفائز هو الذي يضحك في النهاية!!

قناعة ..

التعامل مع المشكلة بأساليب ليست حلاً لها..

يعذبك..ولايحل المشكلة!![/align]