بسم الله الرحمن الرحيم


الشَيْخُ سَعد الشثري ليْسَ قَضِيَتَنَا
كتبه : عبدالله بن عبدالعزيز العزاز
نُشر في صحيفة ( أنباؤكم ) الإليكترونية


نعم موضوع الشيخ سعد الشثري ليسَ إلا مظهراً من مظاهرِ قضيَّتِنا ..

جلبة تسود الشارع العام ، و ضجيج يمزق سكون الليالي العيدية ، و انتفاضة فكرية تُجدد كثيراً من المعاني ، و تُحيي في النفوس أفكاراً كادت أن تندرس . حينما يتحدث عن الحرام و الحلال عالم جليل قد حوى صدره كمًا ضخمًا من النورين و معانيهما و دلالاتهما ، فهذا مما لا يُستغرب منه ، لأن الله تبارك و تعالى قد أخذ على هؤلاء النخب مثياقًا عريقًا ، مضمونه أن يُبينوا ما آتاهم الله ولا يكتمونه . و لكن العجب كل العجب من الخائضين في غير فنونهم باسم النقد ، و هم يضربون بأسس النقد عرض الحائط ، فلا هم مؤهلون لنقد هذه الواقعة بالذات و لا هم متبعون لأساليب النقد الحضارية ، و إذا كان هؤلاء يُحسبون من القيادات الفكرية فقل على فكرنا السلام ..!

لقد كان فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري منهجيًا في نقده للمخالفات ، هادئ اللغة ، لطيف اللهجة ، و لم يكن يخطر ببال المتابعين له وهو يتحدث في أثناء ذلكم اللقاء أن تلك الكلمات ستكون قُنبلة لها دويٌّ إعلامي كبير !! حتى أُخرجت المكنونات على فلتات الألسن و الأقلام ، فكان البعض قاب قوسينِ أو أدنى من التصريح بالوجع الذي دمغ تلك الروؤس المتعفنة .

أعتقد أنه ليس من المناسب أن نُكرر ما ترسخ في قلوبنا من الحب للشيخ سعد و الإشادة بأسلوبه و رأيه ووطنيته الصادقة المشفقة على أبناء وطنه ، فالذين كتبوا قد أفاضوا في الحديث عن هذا الأمر ، و كأن الله تعالى أراد أن يرفع من مكانته ، ليظهر لكل مستتر يترقب الإطاحة برمز من رموز هذه البلاد أن الناس كانوا ولا يزالون يُعاملون علماءهم معاملة الآباء القوّاد إلى ساحل الأمان .

لقد حامَ الكثيرون حول هذه المعاني ، و أبلغوا القول في ذلك .. إلا أنني أقولُ بأنه يجب أن نعلم أن قضيتنا ليست هي ذات الشيخ سعد الشثري ولا الدفاع عن الشيخ سعد ( وهو أهل لذلك ) ، لكن أخشى أن يكون هؤلاء قد استدرجونا إلى غير محل النزاع الأساسي ، و الجنوح بنا إلى قضية جديدة وهي قضية الشيخ سعد ، لنتناسى أصل المشكلة التي تحدث من أجلها الشيخ .

هنا أدعو نفسي و أدعو المحتسبين و أهل الخير و الصلاح إلى كف الأقلام و العودة بها إلى الإشكالات التي ساورت هذه الجامعة الوليدة ، و التي ضاق المصلحون ذرعًا بما فيها من الشر ، و كُلنا أمل أن تلتقط الأنفاس لمعاودة السير في طريق الحسبة إصلاح وضع هذه الجامعة ، بحكمة و رؤية سديدة و إتيان للبيوت من أبوابها ، و التزام الطريقة الشريعة ، لأن هؤلاء المنحرفين من عجائز الصحافة يُحاولون الخروج بالرأي العام عن القضية الأساسية إلى قضية فرعية تكون هي الهاجس لدى عموم الناس ، ليُنفذوا ما ابتغوه بصمت في ظل عجيج العامة بشيء آخر هم أحدثوه ..

و قد فطن أعداء الدين في الماضي و الحاضر إلى هذه الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الدعاة الناصحون في القديم و الحديث ، و قاموا بمواجهة هذه الدعوات ( المقنعة ) و الأساليب ( اللينة ) بجملة من الممارسات التي أشبهَ ما تكون بمشاغبات طفولية تهدف إلى الميل بالداعية عن هدفه الأساسي ، من خلال توجيه عبارات التخوين أو إلقاء التهم التي هم أدرى الناس ببهتانها ، و كل هذا السعي نتيجة الحنق من الحق و الغيظ منه ، فلما ضاق الأمر بهم ذرعا نصبوا شباكهم بغية الإطاحة بالداعية و جرِّه إلى معارك جانبية أو مواقف مرتجلة تكون مدخلاً لهم فيما بعد على هذه الدعوة و تسفيهها .

هكذا قص القرآن جملة من الأخبار عن جملة من الأنبياء عليهم الصلوات و السلام ، حتى إنك تجد في كتاب الله استفهاماً إنكارياً لتكرر هذه المشاهد ، و توافق الأعداء على مر العصور على هذه الطريقة التي كشفها القرآن منذ ذلك الأمد و حتى يومنا هذا .

يقول تعالى : {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} (53) سورة الذاريات



شكراً لكم .