هذه القصة لها علاقة بالموضوع للفائدة
علي بن الجهم شاعر فصيح وبرغم فصاحته إلا أنه إعرابي جلف لا يعرف من الحياة إلا ما يراه في الصحراء، فذات يوم دخل في منافسة شعرية لمدح الخليفة في بغداد وفيها كان الخليفة هو المتوكل، فقبل هذه المنافسة مع كبار الأدباء والشعراء فلما جاء دوره مدح الخليفة قائلاً: أيها الخليفة:

[align=center] أنت كالكلب في الوفاء

وكالتيس في قراع الخطوب[/align]

وبدأ أبو الجهم يشبه الخليفة بالتيس والعنز والبئر بعدما كان يشبهه الشعراء بالشمس والقمر.

وغضب الخليفة غضباً شديدا ًوكذلك حراسه وهموا بقتل علي بن الجهم ولكن أخيراً تفهم الخليفة الأمر وعرف كل شيء بأن هذا الشاعر قادم من الصحراء ولتأثير البيئة في هذا الشاعر ونتيجة لأسلوبه الهابط سامحه الخليفة وقال: هذا الشاعر عبر بأسلوب من واقع البيئة التي جاء منها وهي الصحراء ولكن حبسه في قصره واعتبر ما بدر منه هو أسلوب صادق نشأ من واقع البيئة وهي بيئة الصحراء والخلاء والرعي ولما أسكنه في القصر لمدة تسعة أشهر تقريباً في قصر به أجمل الجواري وأحلي الأكل وذاق ابن الجهم النعمة والاتكاءة علي الأرائك وجالس أرق الشعراء، دعاه الخليفة مرة أخري لينشده ويمدحه بأبيات شعر، فانطلق علي بن الجهم منشداً قصيدة مطلعها:

عيون المها بين الرصافة والجسر

جلبن الهوي من حيث أدري ولا أدري

أعدن لي الشوق القديم ولم أكن

سلوت ولكن زدن جمراً علي جمر


ومضي ابن الجهم يحرك المشاعر بأرق الكلمات ويقال هذه الأبيات أعلاه من أروع الشعر علي الإطلاق حينها ثم شرع يصف الخليفة بالشمس والنجم والسيف وغيره.

فانظر أخي القاريء الكريم نقطة التحول من الكلب والتيس إلي المها فتغير أسلوبه تماماً، وانظر كيف استطاع الخليفة أن يغير طباع ابن الجهم، والله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم، فتستطيع أن تغير الطبع العبوس تبسماً والغضب حلماً والبخل كرماً وهذا ليس صعباً، فكثيرا ما نسمع عن شخص حسن الخلق، كريم مبتسم مع الآخرين وعابس وجافي مع أهله في البيت، ورسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي .. فيجب أن نعمل علي ترويض النفوس علي الأخلاق الجميلة كما يجب تغيير وتحويل المحنة إلي منحة فكن جميلاً تري الوجود جميلاً وأخيراً أخي القاريء الكريم بدلاً من أن تسب الظلام حاول اصلاح المصباح.