السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
تعد تربية الأطفال وإعدادهم إيمانيًا وسلوكيًا من القضايا الكبرى التي تشغل حيزواهتمامات الأئمة المصلحين على كرّ الدهور ومر العصور, وإن الحاجة إليها في هذاالعصر لهي أشد وأعظم مما مضى، نظرًا لانفتاح المجتمعات الإسلامية اليوم على العالمالغربي حتى غدا العالم كله قرية كونية واحدة عبر ثورة المعلومات وتقنية الاتصالاتمما أفرز واقعًا أليمًا يشكل في الحقيقة أزمة خطيرة وتحديًا حقيقيًا يواجهالأمة.

من هنا ... كان هذا التحقيق الذي نسلط فيه الضوء على مشكلات الأطفالوالعوامل التي تؤثر بشكل سلبي على سلوكهم وأخلاقهم .. ثم أخيرًا الخطوات العمليةالتي من شأنها أن تسهم بشكل فعال .. بإذن الله في صناعة طفل يحمل همالإسلام.

إذا أردنا أن نزرع نبتة .. فإننا نقوم بغرس بذرتها الآن .. ونظلنسقيها ونعتني بها كل يوم .. من أجل شيء واحد .. ألا وهو الحصول على ثمرة حلوة .. تلذ لها أعيننا وتستمتع بها أنفسنا.

ولكن!! ماذا لو كان الهدف أسمى .. والحلم أكبر .. وأبناؤنا .. زهور حياتنا .. أين نحن من صناعة هدف غال وعزيزلمستقبلهم؟! أين الأم من رعاية فلذة كبدها بقلبها الرؤوم ليلاً ونهارًا .. من أجلحلم فجر مشرق .. [ابن وابنة يحملان هم الدعوة بين جنباتهم البريئة] ... يرفعانجميعا راية الدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاًمِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَالْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33].

كم من أم تحمل هذا الهدف .. إن مستقبل أمةالإسلام .. أمانة تحملها كل أم .. كل مرب .. وكل مسؤول عن فلذات الأكباد,لذا قمنابإجراء تحقيق مع بعض الأمهات، وقد لمسنا فيه سرعة التجاوب معنا في كل أبوابه،وكأننا طرقنا باباً كان ولا شك عند كل أم مفتاحه.

أول سؤال وجهناه إليهنكان: هل أنت ممن يهتمون بتربية أبنائهم تربية صالحة؟

وكم أسعدنا مستوى الوعيالذي وجدناه والذي تمثل في مئة إجابة بنعم من بين مئة استبانة تم توزيعها علىالأمهات بمختلف مستويات تعليمهن.

ولأن كل هدف عظيم لا بد فيه من عمل جادودؤوب لتحقيقه، سألناهن عن خطواتهن العملية التي اتبعنها لتحقيق هذاالأمل.

معظم الإجابات كانت متمثلة في حث الأبناء بكل جد على القيام بأداءالصلوات الخمس في أوقاتها، مما يعكس مستوى الوعي الذي وصلت إليه الأمهات فيالاهتمام بهذه الشعيرة المهمة، وكان الحرص على إلحاق الأبناء بدور التحفيظ لهالنصيب الأكبر في الاختيار بعد أداء الصلاة ثم الحرص الكبير على اختيار رفقة صالحةللأبناء ومعرفة رفقائهم...

التنشئةالمبكرة:
مريم محمد .... 48 سنة .. منذ صغر أبنائي وأنا أشجعهم علىالانضمام إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم .. كما أتبع معهم أسلوب معرفة الله سبحانهوتعالى وغرس محبته في أنفسهم .. ودعائي لهم المستمر بالهداية .. كما أشجعهم دائمًاعلى طلب العلم الشرعي ليتقربوا من الله عز وجل بمعرفة أحكامه.

العبادة الشرعية منذ الصغر:
أم صهيب .. 42 سنة .. أحرصعلى أداء الصلوات الخمس في وقتها، وبالنسبة للأولاد يبدؤون في تأدية الصلوات الخمسفي المسجد من المرحلة الابتدائية .. وأحرص على الرفقة الصالحة لهم سواء داخلالمدرسة أو خارجها ... وبناتي ألبسهن الحجاب والعباءة على الرأس من سن مبكرة حتىيتعودن عليها بعد ذلك.

أم وصديقة!!
غادة .. 26 سنة ... تعمل إدارية ..

أولاً: لا بد أن أكون صديقة لأبنائي قبل أن أكونأمهم .. كي أكسبهم ويكون لي تأثير بإذن الله عليهم ..

ثانيًا: أبدء بإصلاحنفسي ... حتى لا يروا مني أي خطأ يهز ثقتهم بي ..وحتى يكون لنصيحتي الصدى الأقوىعليهم .. وأحببهم بأماكن الخير .. وأجعلهم يتعاونون معي لنشر الخير والأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر.

تنافس شريف:
أم عبدالعزيز.. 30 سنة: أحرص على تحقيق التنافس فيما بينهم في حفظ بعض السور والأدعية،وأشجعهم عندما يقومون بتصرف حسن .. ليستمروا عليه .. واقتناء بعض الأشرطة التيتعلمهم الآداب الإسلامية وأشتري أقراص الكمبيوتر الهادفة [بابا سلام].. وأحكي لهمقصصًا هادفة مفيدة..

جلسة حوار:
أم عبد الله .. 33 سنة: أجلس مع أبنائي جلسات حوار بناء وأتحدث معهم بكل واقعية ومصداقية عن كلالأمور التي لا يفهمونها .. ولدينا أيضًا جلسات ممتعة على [النت] مع مواقع هادفةتحوي كل ما يهم الأطفال من الأسئلة والقصص.

أساعدأطفالي:
أم محمد .. أزرع الوازع الديني في أطفالي، وأوضح لهم الحلالوالحرام والجنة والنار، وأساعد أطفالي على اختيار الصديق المناسب لهم، ودائمًاأستمع إليهم، وأوجههم بدون كلل أو ملل .. وأخاطبهم بصوت هادئ ومنخفض ولا أستخدمالعقاب الشديد عند الخطأ.

قدوتهم الرسول صلى الله عليهوسلم:
زبيدة الصالح 38 سنة معلمة: أربي أبنائي على أذكار الصباح والمساءوأجعلهم يتخذون الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة لهم في جميع تصرفاتهم .. وأهذب منسلوكهم سواء داخل المنزل أو خارجه .. وأخيرًا أشتري لهم القصص والأشرطة الدينيةالهادفة.

التربية الصالحة أساس تأسيس طفل يحمل همالإسلام:
ولكن كيف نغرس في أبنائنا حب الدعوة إلى الله؟

أجابت عنسؤالنا الأستاذة فاطمة السابر .. رعاها الله:
جميل أن نغرس حب الدعوة في عروقأبنائنا منذ الصغر، فالدعوة ثمرة من ثمار العلم، والأجمل من ذلك أن نحلق مع أبنائناليكونوا دعاة إلى الله يدعون أنفسهم ويدعون الآخرين ... وهذه همسات بسيطة لمن تهفونفسها لأن ترى أبناءها دعاة صالحين:

1ـ ليكن لديك اهتمامبالتغذية الفكرية الصائبة فالدعوة بلا علم دعوة بلا رصيد، فلا بد أن نغذي الطفلبرصيد من المعلومات بقدر ما يحتاجه لكي يثبت في كل خطوة، فالطفلة التي تمتنع عنارتداء الملابس القصيرة أو البنطال، لا بد أن تعرف لماذا تركتها، وأن تدعو زميلاتهاأيضًا إلى ذلك.

2ـ قص القصص من القرآن الكريم والسنة والسلف الصالح،وتذكيرهم بمواقف صغار الصحابة في الدعوة إلى الله .. إضاءات جميلة لها أثرها فينفوس أبنائنا.

3ـ استثمار أوقات الزيارات في عمل برامج مسلية يتخللهامسابقات مفيدة مع توفير هدايا بسيطة يقدمها ابنك للأطفال.

4ـ قد نحتاجلمرافقة أبنائنا في بعض الأماكن كالأسواق والمستشفيات، فما أروع أن نعود أبناءناتوزيع بعض الأشرطة والكتيبات أثناء هذه الجولات.

5ـ ما أجمل أن يتحلقالأطفال [كل حسب جنسه] وأن يكون من بينهم من يقص عليهم ما سمعه من شريط أو ما قرأهمن كتيب.... وحتى ينجح الطفل في جذب زملائه فليكن له محاولات في المنزل تقيمينهابنفسك.

6ـ إشراكهم في المكتبات العامة التي تنمي فيهم روح العلم والمعرفة،وبالتالي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

7
ـ زيارة المراكز الاجتماعية ودورالأيتام وتقديم الهدايا لإخوانهم .. لها أبلغ الأثر في نفوس الطرفين..
منقووووووووووول