في تربية الأبناء.. لا تتركي " جهاز التحكم "

بسم الله الرحمن الرحيم

في تربية الأبناء.. لا تتركي " جهاز التحكم "
للكاتبة والاستشارية الاجتماعية
" نجلاء محفوظ"



"أ شعر بخيبة أمل شديدة؛ فأولادي نشئوا عكس ما أريد وأتمنى"،
"كلما نظرت إلى أبنائي تأكدت أن عمري قد ضاع مني وأنني لم أحقق أحلامي كأم"
"أولادي خذلوني وأهدروا مجهودي الضخم في تربيتهم وشخصياتهم تناقض كل ما أحب وتخالف جميع توجيهاتي".



كان هذا بعض ما تناقلته كثير من الأمهات من شكاوى في جلساتهن الخاصة وغالبا ما يأتي الرد بأن العيب يعود إلى سوء الأبناء وغياب دور الآباء وتدني وسائل الإعلام والأصدقاء السيئين، وأن الأم بريئة من أي لوم وأحيانا ما يضاف: وليس عليها سوى الاكتفاء بالدعاء بتحسين الأحوال والانتباه إلى صحتها حتى لا تؤذي صحتها بالاسترسال في الضيق.



وبالطبع نحن نتفق تماما مع أهمية رعاية كل أم لصحتها النفسية والجسدية أيضا ونؤكد بأهمية الدعاء بتحسين الأحوال لنا ولأولادنا، ولكننا نختلف مع إعفاء الأم لنفسها من نصيبها الوافر في تكوين شخصية أولادها ومسئوليتها الكبيرة عن تفكيرهم وبالتالي تصرفاتهم، حتى لا تظلم نفسها ظلما مضاعفاً فستخسر دنيوياً بأن تجني -لا قدر الله- النتائج المؤسفة مع أولادها؛ وهو ما سيؤلمها ويشعرها بالغيرة وأحيانا بالغيظ عند مقارنتهم بغيرهم وسيحرمها من الشعور الجميل بالرضا عن نفسها وعن أولادها، وهو متعة رائعة لا تشعر بها إلا من جربتها.

كما ستخسر في الآخرة "وهذا هو الاهم" عندما تلقى ربها ويسألها عن دورها كأم وكيف أدته، وتحرم نفسها من الجنة التي تحت أقدام الأمهات وبالتأكيد المقصود هنا الأمهات الناجحات وحدهن.

يرفضون ويتجاهلون!!


وأكاد أستمع إلى صيحات الكثير من الأمهات معترضات قائلات ولكن ماذا نصنع مع أولادنا، إنهم يرفضون التوجيهات والأوامر ويتجاهلونها ويبذلون الجهود للتهرب منها، كما أننا نؤدي أدوارًا متعددة في المنزل وخارجه ولا نمتلك رفاهية التفرغ للتعامل مع مشاكل الأبناء وعنادهم و..و..و...؟.

وأرد بهدوء على كل أم: لا أحد يطالبك بالتفرغ الكامل؛ فالمهم هو كيفية قضاء بعض الوقت مع الأبناء وليس الكم، كما أن الأم الذكية هي التي تحتفظ ( بجهاز التحكم ) في عقلها فتحدد خططها -بذكاء ومرونة- لتربية أولادها وتحتفظ بها في ذهنها دائما، وتتصرف وفقا لها ولا تجعل قيادة العلاقة مع الأولاد تختل من بين يديها؛ فلا تتصرف أبدا كرد فعل في معظم الوقت، بل تحتفظ قدر طاقتها بأعصابها هادئة ولا تجعلهم ينجحون في استفزازها وترفض التعامل معهم بندية وكأنهم يماثلونها في العمر.



كما تتهاون بعض الأمهات مع سوء أدب الأبناء في أثناء صغرهم، وتضحك أحيانا عند بعض التصرفات السيئة مثل سب الأم أو ضربها أو إلقاء بعض الأشياء عليها، وتنسى أنها تفقد جزءا غاليا من احترام أبنائها لها وأنها تحرضهم على الاستهانة بها.

ونرفض أيضا تهاون بعض الأمهات في عقاب الابن الذي يسيء إلى والده؛ لأنها تساهم بشكل سيئ في إفساده، حتى لو كان مؤدبا معها؛ لأنه لن يتمتع بشخصية سوية ما لم يتعلم احترام والديه ويجيد التحكم في انفعالاته ويتعلم مواجهة ما يكره بأدب وهدوء وحسن تصرف وأن يكون ذكيا فيفكر كيف أخرج من المشكلة، لا أن يكون غبيا ويخرج انفعالاته بعصبية وصراخ يضاعف من المشكلة بدلا من حلها.



وتخطئ بعض الأمهات بتحريض الأبناء ضد أهل الزوج وأحيانا ضد الزوج لتفريغ الشحنات ولإرضاء نزعات الانتقام وفي ذلك إساءة بالغة للابن، ولا بد أن تتضرر منها الأم ذات يوم، كما لمست بنفسي عند معايشتي لتجارب مماثلة.

يتبع