السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...


حصل خلاف بين رسول الله صلي الله عليه وسلم وعائشة ا ، فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم : ندخل بيننا عمر بن الخطاب ،

فقالت عائشة : لا ، فقال : ندخل بيننا أبا بكر .
فقالت : نعم ، فجاء أبو بكر ودخل ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : تكلمي أو أتكلم ؟ قالت : بل تكلم أنت ولا تقل إلا حقاً .. فالتفت إليها أبو بكر ولطمها علي وجهها حتي خرج منه الدم ، فقال صلي الله عليه وسلم : لم ندعك إلي هذا .. ولم نرد منك هذا ..

إن هذا الموقف من خلاف بين الزوجين يحدث كثيراً في الحياة ويكثر في أوائل أيام الزواج ، وبالأخص في السنوات الخمس الأولي ، ولكن الجميل والمميز في هذا الموقف هو أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يحسم الخلاف بقرار يتخذه في بيته وعلي زوجته وهو قادر علي ذلك ، بل اقترح اقتراحاً لعلاج المشكلة حتي يري آثار الرضي علي وجه زوجته ، واقترح في ذلك إدخال حكم ، ثم اقترح أن يكون الحكم عمر الفاروق ، وعندما رفضته السيدة عائشة لم يعارضها ولم يجادلها ولم يستنتج بأن رفضها دليل علي أن الحق معه في الخلاف ، بل تلطف مع زوجته أكثر واقترح اسماً آخر وهو والدها فوافقت علي ذلك ، كل ذلك والحبيب صلي الله عليه وسلم يسير مع ما تريده زوجته وقت الخلاف ولم يصدمها لئلا يكبر الأمر أو يعظم .. فلما دخل أبو بكر للحكم سأل النبي صلي الله عليه وسلم عائشة أن تبادر بالحديث أو أن يبادر هو ، وهو قادر بالطبع علي تجاهل استئذانها والمبادرة بالحديث مباشرة ولكنها المداراة واللطف مرة ثالثة ، فلما ردت عليه بأن يبدأ هو بالكلام وقالت ولا تقل إلا حقاً ، لطمها أبوها علي هذه الجملة لأنها تعني الكثير مما لا يجوز في حق النبي صلي الله عليه وسلم ومع ذلك أنكر عليه النبي صلي الله عليه وسلم هذا بالفعل وقال له ، لم ندعك إلي هذا . ولم نرد منك هذا ، وهو إنكار صريح لفعل أبي بكر وهي المداراة الرابعة من النبي صلي الله عليه وسلم لعائشة – ا ..

أقول : لو أن رجالنا يتعاملون مع نسائنا بهذه النفسية من المداراة واللطف لما وصلت نسبة الطلاق في مجتمعاتنا إلي أكثر من الثلث ، ولقلت ملفات المحاكم الخاصة بالمشاكل الزوجية ، وعلي أمور بسيطة وتافهة ، فكيفية النظر إلي نفسية المرأة وطريقة تفكيرها وأنواع تصرفاتها ومداراتها علي ذلك واللطف بها أمر مهم جداً في العلاقة الزوجية ، ولهذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم أحسن المؤمنين إيماناً وأكرمهم خلقاً ألطفهم بأهله . رواه النسائي .

بقلم الأستاذ / جاسم المطوع .