الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين .

أما بعد، فمن الغفلة أثناء صلاة التراويح،

أنك قد تجد بعض الناس يبكون - بل ينشجون - وبصوت عالٍ ومرتفعٍ أثناء دعاء القنوت،

ويُتلى عليهم القرآن الكريم، الذي فيه من الآيات والذكر الحكيم، ما لو أُنزِلَ على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدِّعاً من خشية الله،
ولا تسمع لهم نشيجاً ولا بكاءً، والله المستعان !! على حالنا

فالعجب كلّه أن يكون بكائهم في أثناء القنوت دون القراءة،
والأولى أن يكون البكاء والتأثر عند سماع القرآن الكريم .

قال الله تعالى : (
إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِرَ اللهُ وجِلَت قلوبهم وإذا تُلِيَت عليهم ءاياته زادتهم إيماناً
)
وقال تعالى : (
الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله
)

قال
النووي في " التبيان في آداب حملة القرآن
" : من لم يبكِ عند قراءة القرآن، فليبكِ على فقدانه للبكاء، فإنه من أعظم المصائب !! اهـ .

وكيف كان حال نبينا صلى الله عليه وسلّم عند قراءته أو سماعه للقرآن الكريم ؟

كان نبينا صلى الله عليه وسلّم إذا صلّى سُمِع في صدره أزيزاً كأزيز المِرجَل من البكاء .

ولمّا قرأ عبد الله بن مسعود سورة النساء على النبي صلى الله عليه وسلّم وبلغ قوله تعالى (
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً )، قال النبي صلى الله عليه وسلّم : " حسبك

قال ابن مسعود : فرأيت فإذا عيناه تذرفان .

فهذا وصفُ ربنا سبحانه وتعالى لتأثر القلوب بالقرآن الكريم،
وهذا وصفُ نبينا صلى الله عليه وسلّم عند تأثّره بالقرآن الكريم،
وهذا ما يجب أن يكون عليه حالنا،
والله المستعان .




(
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) .