السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


امرأة حائرة

ما أكثر الحيارى، والله وحده الهادي إلى سواء السبيل، وحائرتنا هذه المرة تذكر أنها خرجت من رمضان بروح إيمانية عالية، وعرفت أن بر الوالدين من أفضل الأعمال، وهي ترجو الله أن يعينها على ذلك، لكنها تذكر أن هناك مشكلة تواجهها تحيرت فيها ولا تدري كيف تبر أهلها فيها وخاصة أمها.
تقول: زوجتني أمي بابن أخيها ومضى على زواجي منه خمس سنوات ولم أنجب حتى الآن، وبالكشف الطبي عُرف أن زوجي مريض بعقم يحتاج إلى وقت طويل في علاجه، وأمي الآن تطلب مني أن أسأل زوجي الطلاق والفراق، وأنا مشفقة عليه، فهو إنسان أحسبه يراقب الله تعالى في سائر عمله وفي معاملتي كزوجة، وليس من السهل عليَّ فراقه، وأمي مصرة على أن أفارقه لأتزوج غيره حتى لا يضيع شبابي ولا أجد من يتزوجني بعد ذلك فماذا أصنع؟!
والجواب بحول الوهاب مسبب الأسباب؛ أن هذه القصة ما أشبهها بقصة الرجل الذي أتى أبا الدرداء فقال: إن أمي لم تزل بي حتى تزوجْتُ، وإنها تأمرني الآن بطلاقها، فقال أبو الدرداء: ما أنا بالذي آمرك أن تعقها، ولا أن تطلق، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاحفظ وإن شئت فضيِّع".
{أحمد والترمذي وقال: صحيح}
والمعنى أن بر الوالد سبب لدخول الجنة من أوسط أبوابها وبر الأم سبب لذلك من باب أولى.
فلا يقال لهذه المرأة: سلي زوجك الطلاق، ولا يقال لها: عقي والدتك. بل أحسني إليها، والإحسان مفصل في كتاب الله جل وعلا كما قال: وفي التفصيل بعدها قال: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23}.
فهذا التفصيل في البر هو الذي تُنصح به هذه المرأة، وليس منه طاعتها فيما فيه مضرة بالبنت أو بزوجها، وعلى البنت أن تقول لأمها قولاً كريمًا بأن تصبر صبرًا جميلاً و سيجعل الله بعد عسر يسرا، ومن أصدق من الله قيلا وعلى الأم ألا تستعجل وتدَّعي قراءة المستقبل، فعلم الغيب إلى علام الغيوب وحده جل وعلا. فالصبر والدعاء من أعجب الدواء، وعلى الله قصد السبيل ورفع الداء.