السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


****وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا****



إنّ ممّا يُزكي النُّفوس ويربّيها ويشيع المودة

بين النّاس وينميها، طهارة اللسان وطيب الكلام،

ومن استقام لسانه استقام حاله ومن خبث مقاله

ساء مآله.

الكلمة الطيبة ''كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا

فِي السَّمَاءِ''

والكلمة الخبيثة ''كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ

اْلأَرْضِ مَالَهَا مِنْ قَرَارٍ''.يقول الحق تعالى: ''وَقُلْ

لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ''.الإسراء53

أي مُرْ عبادي إذا خاطبوا
وحاوروا أن لا يقولوا إلاّ طيّبًا، فإنهم إن لم يفعلوا

ذلك أدّت بهم ألسنتهم إلى العداوة والخصام.


إخوة الإسلام: وكيف لا يقول عباد الله الّتي هي

أحسن وهم يقرأون قول الله تعالى

: ''وَقُولُوا
لِلنَّاسِ حُسْنًا'' البقرة,83 ويقرأون قول

نبيّهم صلّى الله عليه وسلّم: ''اتّقوا النّار

ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيّبة''.


انظروا معي إليه صلّى الله عليه وسلّم وهو يبشِّر

بالجنّة من طاب لسانه وحسن كلامه، فيقول صلّى

الله عليه وسلّم: ''إنّ في الجنّة غرفا

يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها''

قال أبو مالك الأشعري: لمَن هي يا رسول الله؟

قال: ''لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام

وبات قائمًا والنّاس نيام''.. هذه بشرى من رسول

الله صلّى الله عليه وسلّم بأن كلمة الخير هي خير

الكلام، والهادية إلى جنة رب الأنام.

الكلمة الطيِّبة شفاء للقلب وراحة للنفس، تسرُّ من

يسمعها ومن يقولها، من جرّبها نال محبة الناس

ومحبة الله تعالى، تحدث أثرًا طيِّبًا في

نفوس الآخرين وتفتح أبواب الخير وتغلق أبواب

الشر ويشتاق إليها السامع ويطرب لها القلب.


تحوِّل العدو إلى صديق وتقلّب الضغائن الّتي في

القلوب إلى محبّة ومودة،

قال تعالى: ''وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ

بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ

وَلِيٌ حَمِيمٌ'' فصلت .34




ذات يوم جلس الرّسول صلّى الله عليه وسلّم مع

أصحابه فجاء رجل وشتم أبا بكر فسكت أبو بكر

ولم يرد عليه فشتمه الرجل ثانية وثالثة

فردّ عليه أبو بكر فقام رسول الله من المجلس

وتركهم فلحقه أبو بكر يسأله هل غضبت عليّ؟

فقال صلّى الله عليه وسلّم: '


'نزل ملك من السّماء يكذبه بما قال، فلمّا انتصرتَ

وقع الشيطان فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان''.

إنّ الكلمة أمانة ربانية ومسؤولية اجتماعية

يحاسب عليها العبد وتسطر في سجل حياته،

والمؤمن لا يمكن إلاّ أن يكون رمزًا لعفة اللسان

لأنه طاهر القلب الّذي هو منطلق الخير إلى كل

الجوارح، قال عليه السّلام: ''ليس المؤمن

بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيئ''.




ألا ما أخبث القول عندما يكون سيِّئًا لأنه يفسد

العلاقات ويدمّر الأمم والمجتمعات، وما أجمل

القول عندما يكون حسنًا لأنه يذهب الغيظ من

القلوب ويفجر ينابيع الخير فيفيض على الأمة

خيرا ونماء ووفاء وعطاء.




إنّ الكلمة كالسهم إذا انطلق فلن يعود، فعلى

صاحبها أن يحدّد الهدف والمقصود،

قال عليه السّلام: ''إنّ العبد ليتكلم بالكلمة ما

يتبيّن فيها، يزل إلى النار أبعد مما بين المشرق

والمغرب'' متفق عليه.




كم من كلمة أُلقيت فرسمت البهجة على الوجوه

وغرست الفرحة والسّعادة في القلوب

وحقنت دماء الأمّة وصانت كرامتها. وكم من




كلمة أُطلقت فخرّبت بيوتًا وفرّقت بين الوالد وولده

وأفسدت علاقة الصديق بصديقه والشريك

بشريكه وأدخلت الأمّة في دوامة من الانحلال

الخلقي والفساد الاجتماعي.





وإنّنا ندعو الآباء والأمّهات إلى تحمّل مسؤولياتهم

تجاه أبنائهم، والاضطلاع بما أوكله الله إليهم

من السّهر على تنشئة الجيل المسلم الطاهر




في ظاهره وباطنه الصالح في جميع أحواله، فإن

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

يقول: ''كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته،

الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في

أهله ومسؤول عن رعيته،

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها''




رواه البخاري ومسلم.