ثانيا : عند البدء بالسعي في الإصلاح والاتصال المبدئي بالأطراف أو الاجتماع بهم :
• التأكد من تعاملك فقط مع الخصوم المعنيين بالقضية:
أو موكلين بمهمة التفاوض وان يكونوا كاملي الأهلية لان التصالح مع الصغير أو المجنون أو السكران لا يقبل ويجب كذلك التأكد من صحة وكالة الوكيل,وأن يكون ذا علم متيقن بهم حتى لا يقع في الخطأ فيعقد الصلح مع شخص أجنبي فضولي لا دخل له فيكون وجود الصلح كعدمه.
• تحييد وإبعاد كل من لا يريد الإصلاح أو يقف حائلا دونه:
أن يحرص على إبعاد كل من ظهر منه لدد وتشغيب في الخصومة ممن لا أهمية لوجوده إذ لا يحل إدخال اللدد على المسلمين .
• الاستعانة بمن يفيد ويرغب في إنهاء النزاع:
سواء من أقارب الأطراف، أو من أصدقائهم، أو معارفهم، أو من له تأثير عليهم. ويُراعى في ذلك أن يكون أولئك من ذوي الروية، والبصيرة، والحكمة خاصة من عرف حرصه ورغبته في الإصلاح وحسنت نيتهم وصدق حالهم .
• وعند اللقاء الأول والاتصال المبدئي بالخصوم:
ينبغي استقبالهم بالبشاشة واللين ، ومحاولة التخفيف من حدة غضبهم ، والتغاضي عن الإساءات التي قد تحصل من بعضهم وإتباع الطرق الصحيحة في مناقشتهم وذلك باختيار الآيات والأحاديث المناسبة ، والكلمات التوجيهية المختصرة .
• تقييم الشخصيات :
ويقوم المصلح في هذا الاتصال المبدئي بمعرفة الشخصيات التي تشكل كل فريق فان شعر بان كل طرف يتعامل مع الحقائق ويحترم الطرف الآخر . فهذا يعني أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى صلح سريع أما إن ركز كل طرف جهده على نيل من الطرف الآخر فهذا يعني أن المصلح سيبدل جهدا مضنيا في مهمته.
• الخطة والأهداف والإجراءات العملية:
التي ينبغي أن تسعى إلى تحقيقها حتى تصل إلى هدفك الأساسي وهو الإصلاح بين الخصوم :
1- إعادة الحوار بين الطرفين خاصة أن كثير من الخصومات يحصل فيها قطيعة وهجر وانعدام التواصل وبالتالي سوء الفهم للمواقف.
2- إقناعهما بضرورة التوصل إلى حل وسط مرضي وتوضيح أن ذلك هو سبيل الإصلاح أن يخرج الجميع راضيين ومتصالحين ومحققين مكاسب من اتفاقهم والتأكيد على أن أساس الصلح وقاعدته هو تنازل من الطرفين عن بعض حقوقهما حفاظا على بقاء حبل المودة وإزالة لأسباب العداوة والضغينة.
3- السماح لهما بتفريغ كل المشاعر السلبية في منتهى السرية
وإبداء المصلح شيئا من التعاطف مع كلا الطرفين بهدف تضميد الجراح وتهدئة النفوس وجبر الخواطر .
4- دفع الجانبين إلى التركيز على القضايا بدلا من الشخصيات والعواطف والأقاويل والإشاعات .
5- إقناع الطرفين بان عملية الإصلاح ذات أهمية وقد تنجح في فض النزاع وقطع الخصومة إضافة إلى إزالة الضغينة والعداوة و عودة العلاقات السابقة الحميمة .
6- حمل الطرفين على التركيز على المصالح المتبادلة والأهداف المشتركة والعلاقات الوثيقة والتركيز على نقاط الاتفاق بدلا من الصراعات .
7- حمل الطرفين على التقدم بحلول مقترحة للنزاع يرضي بها الطرفان وتقريب وجهات النظر وإيجاد مربع اتفاق بين الخصوم .
8- إقناع الطرفين بأن الطرف الآخر يمكنه أن يتواءم مع الاتفاق النهائي.
ثالثا : أولى الجلسات الانفرادية :
• الانفراد بكل طرف على حدة:
فاللقاء الفردي بكل واحد من الأطراف ربما يحسن في بعض الحالات ؛ حتى لا يحصل الصراع والعراك في بداية الأمر؛ فيتعذر الإصلاح. فإذا حصل اللقاء الفردي كان ذلك سبباً لأن يقف المُصْلِحُ على حقيقة الأمر، وما يريده كل طرف من الآخر.
• اختيار المكان المناسب لهذه الجلسات :
حيث إن مكان الخصوم أحياناً لا يناسب للسعي في الصلح فيها لما يحيط بهم من ظروف اجتماعية وأقارب ، أو ذوي نيات سيئة أو كاره للإصلاح لذلك يمكن الترتيب ومتابعة الخصوم والحديث إليهم في غير مقر إقامتهم •
• من أهداف هذه الجلسات :
من أهداف الجلسات الانفرادية بين المتخاصمين إعطاء فرصة للاستماع للخصم ومراعاة مشاعره والتخفيف منها وإبداء التعاطف مع كلا الطرفين وتليين قلبيهما إلى قبول الصلح مع الثناء على لسان أحدهما للآخر . ومحاولة المصلح تبرير أعمال كل من المتخاصمين وأقوالهما بما يحقق التقارب، ويزيل أسباب الشقاق والخلاف، وأحيانا ينفي بعض أقوالهما السيئة فيما بينهما، وينسب إلى كل منهما من الأقوال الحسنة في حق صاحبه مما لم يقله مثل أن يقول: فلان يسلم عليك ويحبك، وما يقول فيك إلا خيرا ونحو ذلك.
• عليك بحسن الاستماع وأكررها للتأكيد ولأهميتها في هذه المرحلة بالذات:
لأن كلَّ طرف من الأطراف يزعم أنه على حق، وأن صاحبه على باطل؛ فيحتاج كلُّ واحد منهما إلى مَنْ يَستمع إليه، ويرفق به، ويأخذ ويعطي معه. بل إن بعض الخصوم يكفيه أن يفرغ ما في نفسه من غيظ، أو كلام؛ فيشعر بعد ذلك بالراحة، ويكون مستعداً لما يُراد منه.
• ينبغي أن يطرح المصلح الأسئلة التالية أو أية أسئلة أخرى تساعد على فهم قضية النزاع وتصورها تصورا كاملا لإيجاد الحل المناسب والعادل لهما:
1- ما هي قضية النزاع وكيف نشب النزاع بين الطرفين ومتى وما هي أسبابه وما هي التبعات التي حدثت وأثرت عليهما أو زادت في حدة النزاع ؟
2- شكل الخسارة والأضرار التي لحقت بهما وتعرض لها كلا الطرفين من جراء هذا النزاع؟.
3- الأمور التي يسعى الطرفان لحلها؟.
4- التسوية أو الحل المقترح من وجهه نظر كل طرف وما هو الحل الذي يطلبه كل طرف وما الذي يمكن أن يقبل به؟.
رابعا : ثاني الجلسات الانفرادية وتبادل الآراء والمطالب :
• ستُعرف الطرفان في هذه المرحلة على بعض الأسباب التي أدت إلى نشوب النزاع مع تبرير بعض التصرفات التي قد تزيد الشقة وستُعرف كل طرف على مطالب الطرف الآخر وستؤكد على أهمية التركيز على الحقائق لا العواطف كما يجب أن تشعرهما بأنهما يسيران في الطريق الصحيح لإنهاء خصومتهم وحل قضيتهم بما يرضي الطرفين .
• أن تذكر كل طرف بأنه يحب أن يسعى لان يكون أكثر تجاوبا وأكثر اعتدالا في مطالبه وشروطه .
• يجب أن تبرز أهمية المرونة والتسامح لتجنب الطرق المسدودة فيما بعد ؛ وهو ما يعد أحد العوامل الأساسية لإنجاح مسعاك .
• عدم مواجهة بعضهم بعضاً فيما يدعيه كل منهما على الآخر ، منعاً لزيادة الفرقة والشقاق بينهما .
• الخصم المتعنت :
من أساليب مفاوضة الخصوم المتعنتين ومساومتهم للتخفيف من حدة مواقفهم أو التوسط في مطالبهم وشروطهم :
1. الاعتماد والتوكل على الله والصبر والتحمل .
2. الوعظ والنصيحة وتذكيره بفضيلة العفو والتسامح والصلح وبيان أجره عند الله عز وجل وذكر الآيات والأحاديث التي تحث على ذلك .
3. الجلسات الانفرادية مع الخصم المتعنت والتدرج في عرض الصلح عليه كما ذكرنا .
4. الاستعانة بالأقارب ممن يرغبون في الإصلاح وخاصة ممن لهم مكانة عند هذا الخصم .
5. الرفع من قيمة الخصم و
6. أيضا كذلك مناقشة الطلبات والشروط والمطالبة بترتيبها من حيث الأهمية
7. ومناقشة صحة وقوة ما يستند إليه ومدى قوة موقفه وهل من صالحه التعنت أم الصلح وبيان مزايا الصلح على القضاء وبيان موقفه لو رفع الأمر من القضاء .
8. مطالبته بطرح الاقتراحات والحلول وعروض التسوية .
هذه بعض الأساليب في مواجهة الخصم المتعنت وهي تختلف باختلاف الشخص وقد يتناسب مع شخص أن تأتي إليه بأسلوب الوعظ والنصح وقد يتناسب مع أخر الاستعانة بالأقارب أو أكابر الناس كل ذلك يعتمد على طبيعة الشخص ( للاستزادة راجع قواعد وأساسيات عند العلم بالخصومة وقبل البدء بالإصلاح ) .
• وحين تطرح الاقتراحات من كلا الطرفين وحين يتم إيجاد مربع اتفاق يرضى بها الطرفين نكون قد انتقلنا إلى مرحلة جديدة ذات أهمية وهي مرحلة الجلسات المشتركة .
خامسا : أثناء الجلسات المشتركة :
• مكان انعقاد الاجتماع :
يجب أن ينعقد الاجتماع المبدئي في مقر الوسيط ؛ فإن لم يكن ففي أي مكان محايد .
• الـتأكد من حضور الجميع:
التأكد من حضور الخصوم وكل من له علاقة بالقضية أو يلحقه ضرر من الصلح الذي سيتم .
• المحافظة على آداب المجلس :
وأن يؤكد و يطلب من الحضور عدم التطاول على بعض وشتم وبعض وخلط الدعاوي والحجج .
• ويبادر المصلح عند بداية الاجتماع بالحديث وافتتاح الحوار ويبدأ بخطبة الصلح :
ويفضل أن يطيل فيها للتأثير وكانت العرب لا ترى بأسا من إطالة خطبة الصلح ولا يعدونه من الإطناب الممل قيل لقيس بن خارجة : ما عندك في حمالات داحس ؟ قال : عندي قرا كلّ نازل ، ورضا كلّ ساخط ، وخطبة من لدن مطلع الشّمس إلى أن تغرب ، آمر فيها بالتّواصل وأنهى عن التقاطع .
• وعليك في هذه الخطبة تذكير الخصوم بالعاقبة :
فيحسن بالمصلح أن يُذكِّر الأطراف المتخاصمة بالعاقبة ؛ فيذكرهم بعاقبة الخصومة , وما تجلبه من الشقاق , وتوارث العداوات , واشتغال القلوب , وغفلتها عن مصالحها . ويذكرهم كذلك بالعاقبة الحميدة للصلح في الدنيا والآخرة , ويسوق لهم الآثار الواردة في ذلك كقوله – تعالى - : ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) [البقرة: 237] وكقوله : ( وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ ) [آل عمران : 134] وكقوله : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) [الشورى: 40] . ويسوق لهم قصصاً لأناس عفوا , فحصل لهم من العز, والخير ما حصل . وهكذا…
• والتأكيد على أن الصلح في غالب أحواله فيه تضحية وتنازل من الجانبين :
ونزول عن بعض الحق المدعى لذا فهو يغلب عليه عدم الرضى الكامل والباطن بين المتصالحين أو احدهما إلا انه بمقابل ذلك يبين لهم ما يحصل للمتصالحين بعد إبرامه من إنهاء النزاع واستحقاق لما اتفق عليه مما ينتج عنه من استقرار للأملاك والحقوق وزوال الخصومات واختصار للجهد والوقت وإصلاح ذات البين .
• ويحرص على التركيز على أهمية الأمور الآتية :
يجب أن يؤكد انه ليس قاضيا أو حكما وان هدفه الإصلاح وأنهم لم يجتمعوا في هذا المكان كي يسعى احد الأطراف لإقناعه أو إقناع الطرف الأخر بأنه هو المصيب وأن الأخر هو المخطئ كما يجب أن يخبرهم أن الصلح لن يؤتي ثماره إن أصر احد الطرفين على التعنت والتمسك بوضعه المبدئي في محاولة لإثبات خطأ الطرف الأخر.
• وبعد ذلك يبدأ كل طرف بعرض وبيان موقفه وهي إحدى النقاط بالغة الأهمية إذ أن الخلاف قد يكون قد نشب بين الجانبين منذ شهور كما انه يرجح أن يكون الاتصال قد انقطع بينهما ؛ أما الآن فقد أصبح كل طرف قادرا على شرح قضيته مباشرة للطرف الآخر وهي نقطة نفسية وحساسة وبالغة الأهمية بالنسبة للطرفين إذ أن كل طرف سيشعر بالارتياح بعد أن افرغ كل ما في جعبته وهذا يعني أنالحالة المعنوية لكلا الطرفين قد باتت مرتفعة وأن الطريق قد أصبح ممهداً للتوصل إلى حل وسط .
• فإن قام احد الطرفين بطرح نقطة ما لإثارة الجدل ولكن بدون دليل فيجب أن يذكره المصلح بلطف بأنه لا يصح التعامل إلا مع الحقائق المثبتة وأن الظنون والتخمينات لا يعتد بها .
مواقع النشر (المفضلة)