داء يصيب البعض يلوث القلوب و النفوس يقتل المحبة و يشعل الفتن و تكثر بها الحروب يحتقر الغني الفقير و ذو العلم على الجاهل و الكبير على الصغير , كل واحد منهم ينظر إلى الأخر بنظرة الاستعلاء و الكبر يغتر و كأنه مخلدا في الوجود كأنه لم يكن من الطين و سيرجع إليه و يحاسب يوم الدين إنه البلاء الكبير حين ينسى الإنسان أصله ولا يشعر بأنه هناك خالق عظيم أكبر منه ولا ليس هناك احد بعظمته و جبروته فيغتر هذا الإنسان طوال الأمد يقسو قلبه يصبح كصحراء قاحلة لا تنبت فيها سوى الأشواك لا يعرف الحب ولا الرحمة يسعى إلى المراكز الاجتماعية العليا التي لا يريد فيها خير للناس بل يريد الافتخار و العلو عليهم و يخاطبهم بعجب لنفسه و سفاهة لا يدنوا سوى من ذو المناصب العليا , لكن أترى هل له مكانة في قلوب الناس؟ الذي كان يظن إنه محل ثناء الناس و حبهم و لم يكن سوى صورة يراها الجميع و يبتعد عنها , لو يجعل الإنسان نفسه كالزهرة فواحة يريد الجميع قطفها و لمسها و التمسك بها ووضعا في الماء في بيته ليستنشق عبيرها ولا يسأم منها هذه أنفسنا كالزهرة إن ملأنها بالحب لمن حولنا و نزعنا ما بها من غل و غرور و كبر و نبصر في أنفسنا و إنها مسخرة للواحد الفرد الصمد الذي بيده ملكوت كل شيء ولا يحق علينا الكبر في هذه الحياة و إننا الضعفاء الراجين رحمة الله و عفوه و غفرانه .
(( هامش القسطلاني قال بسنده إلى أبي هريرة , و أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( العزة إزاره , و الكبرياء رداؤه , فمن ينازعني عذبته )) أخرجه الإمام مسلم في صحيحة

فكم من ملوك قد تركت قصورها و تركت أموالها و مناصبها فلم تترك بعدها غير الأكفان و الأعمال الصالحات , فكيف هذا الروح تنسى بلحظة إنها ضعيفة لا ملك يدنيها إلى الموت ولا مال ينجيها منه , تهوى قلوبنا الناس التي لم تترك أثر من الغرور و الكبرياء يسعدنا قربهم و يؤلما فراقهم نذكرهم بالخير أين ما كانوا و إن رحلوا ندعو لهم بالمغفرة و الرحمة لا نرجو غير إننا جميعا نكون مثل هؤلاء و نقي أنفسنا الضعيفة من هذا الداء المدمر للنفس و القاتل للحب و الرحمة و جعلنا و إياكم من يموت و يترك ورائه الذكر الحسن الذي لا نرجو غيره حين يحين الرحيل , و صلى الله على سيدنا محمد و آخر دعونا الحمد لله رب العالمين