انخفاض مكاسب الشركات السعودية المدرجة حديثا يحرك هواجس المتداولين:

يبدو أن التراجع الواضح في المكاسب التي حققتها شركات التأمين حديثة الإدراج بدأ يلعب دوره في التأثير على أداء القطاع وجاذبيته، وفق ما ترى فئة عريضة من المتداولين في السوق السعودية.

وكانت شركة بوبا العربية التي أدرجت مطلع الأسبوع الماضي، قد سجلت مستوى متدنيا من الأرباح في يومها الأول ذي التذبذب المفتوح، مقارنة بالشركات المماثلة التي سبقتها؛ حيث اكتفت بمكاسب تقارب 260%، مقفلة عند 35.75 ريالا.

لكن أداء الشركة السعودية لإعادة التأمين "إعادة"، جاء بحسب المتداولين ليشكل "صدمة" ومرحلة فاصلة في مسار القطاع، بعدما توقفت مكاسب يومها الأول عند حاجز 105%، في سابقة لم تشهدها سوق الأسهم بالنسبة لجميع شركات التأمين التي طرحت للاكتتاب بسعر 10 ريالات للسهم، والتي نجح عدد معقول منها في ملامسة سقف الارتفاع الأقصى البالغ 1000%.


أسس النجاح الثلاثة

وفي معرض رؤيته لما يمر به القطاع، قال الخبير بأسواق الأسهم يوسف قسنطيني: إن الاهتمام الذي تحظى به شركات التأمين من قبل عموم المستثمرين ينبع أولا من حجم سوق التأمين في المملكة، والتي تشكل 50% من كتلة التأمين في منطقة الخليج، أما السبب الآخر فمرده إلى التوجه نحو تطبيق حزمة إلزامية ومتكاملة من أنواع التأمين على المواطنين والمقيمين.

ووصف قسنطيني ما يحصل في قطاع التأمين بأنه مؤقت، وقد يكون مقصودا لصرف الأنظار عن شركات القطاع، رغم أن أسعار كثير منها بلغ مستويات جيدة، مقارنة بما كانت عليه قبل 10 أشهر.

وحول تأثير الغرامات التي فرضت مؤخرا على شركات تأمين لم تلتزم الإفصاح عن نتائجها في الموعد المحدد، أبان قسنطيني أن هذه الغرامات لم تكن لتعجز الشركات عن تسديدها نظرا لضآلة مقدارها، بل إنه ذهب إلى حد القول: "أعتقد أن هناك شركات تعمدت تأخير الإفصاح، وفضلت تسديد الغرامة، لأن خيار إعلان النتائج في موعدها كان سيكلفها أكثر بكثير من غرامة 10 آلاف ريال، سواء من ناحية خسارة فئة من المتداولين في القطاع، أم من ناحية انخفاض سعر السهم، عطفا على ما ستظهره تلك النتائج".

في المقابل، لفت قسنطيني إلى ضرورة النظرة التفصيلية لكل شركة في قطاع التأمين على حدة؛ إذ إن هناك شركات لها "دعم من طرف قوي" داخلي أو خارجي، يقوم على الشهرة والملاءة المالية والخبرة، وهذه هي أسس النجاح التي تكفل صمود تلك الشركات أمام المنافسة، بعكس أخرى لا تجد مثل هذا الدعم، ما يجعل استمرارها مهددا، وفرص انسحابها من السوق أكبر.


الكلمة للنتائج المالية

وعن توقعاته لحركة قطاع التأمين خلال الفترة المقبلة، أوضح قسنطيني أن القطاع سيكون مرشحا خلال الأسبوعين القادمين للحفاظ على مسار أفقي في مناطق منخفضة، بعدها يمكن أن يتحرك صعوديا عطفا على فقدان بعض الأسهم جزءا كبيرا من قيمتها، ومن بينها سهم أضخم شركة تأمين خليجية غير حكومية.

أما على المدى البعيد، والكلام ما زال للمحل قسنطيني، فإن النتائج المالية لا بد أن تكون لها كلمة في تحديد الأسعار، كما أن انتهاء فترة الحظر المفروضة على بيع أسهم المؤسسين في شركات التأمين سيكون إيذانا بخروج المضاربين الذين يبدو حاليا أنهم يمارسون عملية تجميع متأنٍّ لبعض الأسهم.
من جانبه أكد مراقب التعاملات فيصل إبراهيم أن أصوات المطالبة باستخدام خيار "وقف الخسارة" بدأت تتعالى في صفوف المضاربين في التأمين، في انعكاس ملموس لمخاوف حركها التدهور المتواصل في معدلات الأسعار، وعمقتها المكاسب المتواضعة للوافدات الجديدات، على حد تعبيره.

وأشار إبراهيم إلى أن حوالي 80% من مكونات قطاع التأمين وصلت أو هي في طور الوصول إلى أدنى مستوياتها السعرية، مقارنة بما حققته في اليوم الأول لتداولها.


تجفيف وتجميع

وفيما شهد قطاع التأمين يوم أمس الأحد 25/5/2008 انخفاضا في 16 شركة منه، مقابل ارتفاع طفيف لثلاث شركات، واستقرار في واحدة، فإن إبراهيم وضع هذا في إطار التأثير المباشر للمستوى السعري "المخيب للآمال" الذي أقفلت عنده آخر شركات التأمين إدراجا، محذرا من إهمال العامل النفسي في متابعة حركة السوق السعودية بالذات، أو التقليل من وزنه في توجيه قرارات المتداولين.

وفي نفس الاتجاه، عبر المتداول عباس الأحمد عن اعتقاده بأن ملاك أسهم التأمين لا سيما من صغار المتعاملين يمرون بفترة عصيبة من الترقب والتشتت، فهم من جهة يأملون في ارتداد قريب وقوي للأسعار، لكنهم لا يستطيعون السيطرة على قلقهم من تراجعها إلى مستويات كانوا يستبعدونها مطلقا.

وأضاف: منذ أسابيع والأحاديث تدور بين المعنيين بقطاع التأمين والمضاربين فيه، أن أسهمه شارفت على "التجفيف" وأن "التجميع" فيها قارب على الاكتمال تمهيدا لانطلاقتها بقوة، دون أن نرى لهذه التحليلات صدى حقيقيا في حركة القطاع.

أما خالد خلف السالمي فاعتبر أن ما يمر به قطاع التأمين يعد مرحلة فاصلة بين زمنين؛ زمنٍ سابقٍ كانت فيه المضاربة مزدهرة، وأسعار بعض الأسهم تقفز كل جلسة 10 ريالات أو يزيد، وآخر لاحق ربما يعيد شركات التأمين إلى أحجامها وقيمها الحقيقية، باعتبارها لا تزال في عداد الخاسرين الذين لا يُعرف إلى متى سوف تستمر خسائرهم.