قصر الحمراء.. الشاهد الصامت

يغوص بك في أعماق التاريخ.. وشامخ بحديقته الغناء



الحمراء: يعد قصر الحمراء واحداً من أروع القصور في تاريخ العمارة الإسلامية، ومن أعظم الآثار الأندلسية الباقية حتى اليوم بما حواه من بدائع الصنع والفن، وقد زيّن صناع غرناطة القصر بأبدع نماذج لا تستطيع البشرية الإتيان بمثله. قصر الحمراء جزء من معالم مدينة غرناطة الأثرية الواقعة على بعد 267 ميلاً جنوب مدينة مدريد، فبعد أن استوطن بنو الأحمر بغرناطة أخذوا يبحثون عن مكان مناسب يوفر لهم القوة، فانتهى بهم المطاف عند موقع الحمراء في الشمال الشرقي من غرناطة. وفي هذا المكان المرتفع وضع أساس حصنهم الجديد «قصبة الحمراء»، واتخذ بنو الأحمر من هذا القصر مركزاً لملكهم، وأنشأوا فيه عدداً من الأبراج المنيعة، وأقاموا سوراً ضخماً يمتد حتى مستوى الهضبة.

ومن المرجح أن سبب تسمية الحمراء هو لون حجارتها الضارب للحمرة. والحمراء عبارة عن مجموعة أبنية محاطة بأسوار تقع على ربوة عالية تسمى السبيكة في الجانب الشمالي الشرقي من مدينة غرناطة. وهذه الأبنية على ثلاثة أقسام: القسم العسكري ويقع شمال شرقي القصر وهو عبارة عن قلعة تحرس الحمراء ولها برجان عظيمان، ثم القصر الملكي في الوسط ثم الحمراء العليا المخصصة للخدم. يتحدث القصر عن مملكة غرناطة وملوكها وحضارتها وآثارها وجهادها دفاعاً عن استقلالها حينما غدت آخر معاقل العرب والمسلمين في شبه جزيرة إيبرية. وبعد أن تلألأت حضارتها نحو 200 سنة، انطفأت مشاعلها وظهرت مبانيها دون حياة.

لم يكن قصر الحمراء سوى جزء من مدينة الحمراء أو «قصبة الحمراء» التي تشمل قصر الحاكم والقلعة التي تحميه. وكانت مباني دور الوزراء والحاشية تنمو مع الوقت حتى غدت قاعدة ملكية حصينة.

يرجع بناء الحمراء إلى القرن الرابع الهجري. وكانت هناك «قلعة الحمراء» فوق الهضبة الواقعة على ضفة نهر حدره اليسرى. وعندما تولى زعيم البربر باديس بن حبوس حكم غرناطة، بعد ظهور دول الطوائف في بداية القرن الخامس الهجري، أنشأ سوراً منيعاً حول الهضبة التي قامت عليها «قلعة الحمراء»، وبنى داخل هذا السور قصر أو مركز حكومته، وسميت القلعة «القصبة الحمراء»، وصار قصر الحمراء جزءاً منها، وغدت معقل غرناطة المهم.\تجولت في حدائق قصر الحمراء لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة، إنها روعة في الابداع ، وبدت الدهشة على وجوه جميع الزوار من اوروبا وبعض الدول العربية الذين لم يتوقفوا عن التقاط الصور وهم يجولون في كل مكان من الحديقة التي تم تصميمها هندسيا بمستويات مختلفة ودرجات تعبر عن الحس الهندسي لصانعي تلك الحديقة الغناء. مسجد قرطبة: قرطبة كانت وجهتي الثانية لزيارة المسجد الكبير. من على البعد يظهر لك الطراز المغربي من العمران خاصة المدينة القديمة بأزقتها الضيقة تذكرك بالمدينة القديمة في الرباط وفاس.

أسست قرطبة كمستوطنة رومانية على الجانب الشمالي لنهر الوادي الكبير في عصر جمهورية روما سنة 206 قبل الميلاد، وقد ظلت قرطبة مدينة رومانية لمدة تزيد عن سبعة قرون، ولذلك ما زالت في قرطبة آثار من الحكم الروماني، أبرزها الجسر الروماني الذي يقطع الوادي الكبير.

ولكن لم يعل شأن قرطبة إلا مع قدوم الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس فاراً من العباسيين، فاستولى على مقاليد الأمور في الأندلس الإسلامية وجعل قرطبة عاصمة له. وقد كان هذا بداية لعصر قرطبة الذهبي، حيث أصبحت عاصمة الأندلس الإسلامية بأكملها وأهم مدينة في شبه الجزيرة، وفي عهد الداخل بدأ العمل على جامع قرطبة الكبير الذي ما زال قائماً في المدينة الى اليوم. ويعتبر الجامع الكبير من أهم معالم قرطبة وآثارها الباقية حتى الآن.. وضع حجر تأسيسه في عهد عبد الرحمن الداخل، وأتمَّ بناءه ابنه هشام الأول.. وكان كل خليفة جديد يضيف لهذا الجامع ما يزيد في سعته أو فخامته أو زخرفته.. وقد احتل هذا المسجد مكانة علمية مرموقة حتى كان طلاب العلم من الشرق والغرب يفدون إليه، سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين، لكن سقوط قرطبة في يد فرديناند الثالث كان بداية لمحو كل ما يَمُتّ للإسلام بصلة في الأندلس، فتحول هذا المسجد إلى كنيسة، لكنه ما زال يحمل إلى اليوم اسمه. المسجد الذي اراد الحكام هدمه بعد سقوط الدولة الاندلسية وقف اهل المدينة ضد القرار ورفضوا هدم معلم مهم من معالم المدينة التي اصبحت اليوم مقصدا للزوار من جميع انحاء العالم.