بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله

(هذه أول مشاركة لي)
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

أين أمة الوسطية من الوسطية

قال الرسول المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم (خير الأمور أوسطها) وقال المولى عز وجل في محكم كتابه {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}

لقد أصبحنا اليوم أبعد ما يكون عن الوسطية التي هي منهجاً سوياً
للحياة يحقق لنا الكثير من التوازن ، فأصبحنا في غالب أمورنا إما شذوذاً عن القاعدة - كانت قاعدة شرعية أو عرفية - وإما تطرفاً في تطبيقها.

فمثلاً مسألة المواصفات المطلوبة في شريك/ة العمر إما أن تكون الزوجة جميلة ومتدينة وربة منزل جيدة أو موظفة ومثقفة أو متعلمة وذات نسب طيب وصغيرة وإلا فلا وكذلك الزوج لابد أن يكون متدين موظفاً بمرتب جيد – لأن هناك من هو موظف لكن بمرتب قد يذهب نصفه في أجار المنزل – ومكافئ للدرجة العلمية التي وصلت إليها الفتاة وأن يكون حسن التعامل حسن المظهر ويسكنها بسكن مستقل عن الأهل وغير متزوج وإلا فلا ، تعقيد وتنطع وتطرف نتج عنه الكم الهائل من العوانس بالسعودية - مليون ونصف المليون-، فلماذا لا نسهل الأمور ونجعل البساط احمدي ونفكر بوسطية فنفضل أن نكسب الجزء بدلاً من أن نخسر الكل "شيء أحسن من لاشيء ، ولو أن الفتاة تنازلت قليلاً وتزوجت المتزوج الذي قد تنازلت زوجته له بالزواج من أخريات ، برغم أنه ليس حقاً من حقوقها أن تنتظر منها الموافقة لتحصل غيرها على فرصتها وحقها في الزواج.

فلو فكرنا بإنصاف خاصة عندما نستحضر حال العانس والأزمة النفسية التي تمر بها لوجدنا أن تعدد الزوجات هو الحل الأمثل للقضاء على ظاهرة العنوسة ، شرط أن يتزوج الزوج بعانس وليس فتاة الخامسة عشرة فيدعي أنه يساهم في القضاء على ظاهرة العنوسة ، وبهذه المناسبة أذكر قصة رويت لي عن إحدى العوانس أو كما كانت تظن تلك الفتاة فهي كانت ما تزال في السادسة والعشرين- فما بالكم بمن هن في الثلاثينات- ، أنه بعد أن أكملت دراستها وطبعاً ليس هناك وظائف إلا في المناطق النائية ولم يفلح تقديمها على ديوان الخدمة كذا مرة ، فاضطرها الفراغ إلى التفكير في حالها بطريقة تشاؤمية مظلمة وبدأت تسوء نفسيتها واضطرب نظام نومها وضعف حالها ، وذات يوم أخذ والداها يلومانه على نظامها وسوء غذائها وهي صامته ثم فجأة انفجرت باكية "أنا عانس لن يأخذني أحد لم يتقدم لي أحد لا أحد يرغب بالاقتران بي" رغم ما تتمتع به هذه الفتاة من رجاحة العقل!! لكن لا أظن أن أحداً يلومها عندما يضع نفسه مكانه ويتصور إحساسها كل يوم وهي تنتظر الفارس الذي تحلم به كل الفتيات.

فهلا كنت أنت يا راجحة عقل متوسطة منصفة في تفكيرك ويسرت لزوجك الزواج من ثانية وثالثة ورابعة واشترطي عليه أن يتزوج عانس ، لعلك تفرجين كربة يفرج الله بها كربتك يوم القيامة ، وهلا توسطتم في مواصفات شريك/ة المستقبل أيّه الشباب والفتيات وأنصفتم هذا المشروع المقدس مشروع إكمال نصف الدين من تعنتكم.

هناك خلل يتغلغل بمجتمعنا ، هناك تطرف وشذوذ يحيد بنا بعيداً عن الصواب ، فصلة الرحم مثلاً قيمة أخرى فقدت الوسطية والإنصاف فإما نواصل القريب حتى يظن جاره أننا احد أبناءه ، وآخر نقطعه حتى يظن هذا القريب أن مصيبةً ألمت بنا ، والأولى خير من الثانية ، ولكن أين الوسطية حتى في علاقاتنا مع منهم حولنا ، إن وجدنا ما نكره في ذاك فحتماً فيه ما نحب ، مثلما وجدنا في ذاك ما نحبه فحتماً فيه ما نكرهه ، هناك ألوان أخرى في الحياة وليس إن لم يكن أبيض فهو أسود بل ربما يكون أخضر.

فأنا أرى "الجماعة" إن اجتمعوا في الثلاثة أشهر أو الأربعة فإن كثيراً منهم لا يحضر الاجتماع وفوق كل هذا لا يحسبون النساء في اجتماعاتهم هذه أبداً ولا أعلم سبباً لهذا الجفاء غير سبب واحد توصلت له ربما يكون خطاء وهو أنهم يحسبون حساب المال الذي سيدفعونه إن انتظموا في الاجتماع وإن حسبوا النساء في هذه الاجتماعات وأنه ، ربما يفكرون في الاستراحة الغالية التي يستأجرونها ويفكرون في العشاء المكلف ، ولكنهم غفلوا عن أن يفكروا بوسطية ويستأجروا استراحة بسيطة ويشتروا عشاءً بسيطاً ، فالغاية هناك ليس الأكل بل الاجتماع وصلة القرابة ، كم وكم تمنيت أن أجتمع بنساء الجماعة خارج الأفراح المتكلفة المزعجة ولكن هيهات هيهات.

وبمناسبة ذكر الأفراح فهي فيها تصرف غير منصف بل ومجحف يصدر من الشابات تجاه النساء الكبيرات ، فمثل عاداتنا القديمة يحببن النساء أن "يلعبن" بالدف ولا نلومهن في ذلك ، فكن – كان ،، زمن ماضي – يأتين حاملات دفوفهن وينتظرن لحظة اللعب بها على أحر من الجمر لكن هيهات عندما تأتي اللحظة المنتظرة بعد ترجٍ في استحياء من أحد العجائز التي لها خاطر عند أم العريس أو أم العروس تأتي تلك اللحظة وتذهب في لمح البصر ، فبمجرد أن بدأ اللعب يحمى اشتغل المسجل بطريقة عشوائية وبدأ يصرخ بصوته الفض العالي لدرجة أنك تشعر به تحت قدميك ومع نبضات قلبك معلناً انتهاء وقت "عروض الجنادرية" كما تسميها بعض الفتيات ، حينها ترى تلك النظرة الحزينة المؤلمة في وجوه العجائز وتلك الابتسامة المحرجة وقد أنزلت كل واحده فيهن دفها بتردد وعادت لمقعدها تجر أذيال الخيبة ، هنا وجبت الوسطية فلا بأس بالمسجل والأشرطة المستحدثة من أناشيد الأفراح دون الأغاني المحرمة طبعاً ، ولكن لنعط محبين ذلك اللون الشعبي العريق فرصتهم فكلهن أمهاتنا وجداتنا وليكن وقت الفرح النصف بالنصف ، ولن نخسر شيئاً بل سنكسب إدخال الفرح والسرور إلى قلوب أولئك النساء الطيبات.

ذاك طالب مجد بقدر ما يستطيع ولكنه ليس الأفضل ، ولكن نظرة والده المتطرفة ربما تحبطه وتؤدي إلى تراجعه دراسياً ، أباه يقول بعدما رأى نسبته : 90% أليس هناك أفضل ما لفرق بينك وبين الطالب الذي حصل على نسبة أعلى من نسبتك؟؟؟ في هذه الحالة يصيب الإحباط والحزن قلب الفتى ، فيخزن عقله الباطني في بؤرة اللاشعور أنني سواءً اجتهدت أم لم اجتهد فلن أحظى بإعجاب والدي في كلا الحالتين إذن فليس هناك من داعٍ لأتعب نفسي وأجهد حالي في الاستذكار ، بينما على الوالد أن يتوسط وذلك بأن لا يقبل الكسل والإهمال ولا يطلب من ابنه الكمال.

يشح الوالد على ولده فيصبح شبه محروم فيحس بالنقص دائماً بين أقرانه مما يؤدي لتراجع مستواه الدراسي وانطوائه على نفسه وربما تعلم السرقة وقد يعطي الوالد الولد بإفراط فيؤدي إلى إفساده فإن الشاعر يقول
إن الشباب والفراغ والجدة * * * مفســدة للمرء أي مفسدة
ولكن لا تفريط ولا إفراط ، وكذلك في التربية لا دلال زائد ولا قسوة زائدة فالدلال يفسد الأبناء والقسوة تؤدي بهم للتمرد بل وسط مابين ذاك وذاك.

هناك شعرة تربط بين البشر في علاقاتهم – زوج وزوجة أب وابن أخ وأخت - فإن أرخيناها داس عليها جميع الأطراف وإن شددناها قطعت فهلا جعلناها في الوسط مابين ذاك وذاك ، فما أجمله من منهج رسمه الإسلام لنا ويسره لنا وجعل به الحياة يسيرة ولكننا للأسف لم نحاول انتهاجه في حياتنا اليومية.

أحبتي هناك الكثير والكثير بداخلي ولكني اكتفي بهذا حتى لا يطول عليكم الموضوع فيصبح ثقيلاً على النفس ، فإن ورد أحدكم مثالاً على تضييعنا لمنهج الوسطية فلا يبخل به علينا علّنا نصيب به طبعاً معوجاً فنساهم في تقويمه.

ولكم مني تحية طيبة / أختكم شذى حزنه.