تفسيـر سـورة الفلـق
قال رحمه الله في تفسير سورة الفلق: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفثت في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد﴾.

فمعنى ﴿ أعوذ
﴾: أعتصم والتجي ء وأتحرز، وتضمنت هذه الكلمة مستعاذا به ومستعاذا منه ومستعيذا. فأما المستعاذ به: فهو الله وحده رب الفلق الذي لا يستعاذ إلا به.

وقد أخبر الله عمن استعاذ بخلقه، أن استعاذته زادنه رهقا ( وهو الطغيان )، فقال: ﴿ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهق
﴾ [الجن].
و ﴿ الفلق
﴾: هو بياض الصبح، إذا انفلق من الليل، وهو من أعظم آيات الله الدالة على وحدانيته.

وأما المستعيذ: فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من اتبعه إلى يوم القيامة.

وأما المستعاذ منه فهو أربعة أنواع:

الأول: قوله: ﴿ من شر ما خلق
﴾ وهذا يعم شرور الأولى والآخرة، وشرور الدين والدنيا.
الثاني: قوله: ﴿ ومن شر غاسق إذا وقب
﴾ والغاسق: الليل، إذا وقب: أي أظلم ودخل في كل شيء، وهو محل تسلط الأرواح الخبيثة.
الثالث: قوله: ﴿ ومن شر النفثت في العقد
﴾ وهذا من شر السحر، فإن النفاثات: السواحر التي يعقدن الخيوط وينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يردن من السحر، والنفاثات: مؤنث، أي الأرواح والأنفس، لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة.
الرابع: قوله: ﴿ ومن شر حاسد إذا حسد
﴾ وهذا يعم إبليس وذريته لأنهم أعظم الحساد لبني آدم أيضا. وقوله: ﴿ إذا حسد﴾ لأن الحاسد إذا
أخفى الحسد ولم يعامل أخاه إلا بما يحبه الله، لم يضر المحسود.