[align=center]



الفضيل بن عياض


عن الفضل بن موسى، قال: كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، إذا سمع تاليا يتلو (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم..) [ الحديد: 16 ] فلما سمعها، قال: بلى يا رب، قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى [ نصبح ] فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا.
قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هاهنا، يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لارتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.

وقال إبراهيم بن الاشعث: ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل، كان إذا ذكر الله، أو ذكر عنده، أو سمع القرآن، ظهر به من الخوف والحزن، وفاضت عيناه، وبكى حتى يرحمه من يحضره، وكان دائم الحزن، شديد الفكرة، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله، وأخذه وعطائه، ومنعه وبذله، وبغضه وحبه، وخصاله كلها، غيره.
كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ، ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه، ذاهب إلى الآخرة، حتى يبلغ المقابر، فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء، حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.

وقال فيض بن إسحاق: سمعت الفضيل بن عياض، وسأله عبدالله ابن مالك: يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه ؟
قال: أخبرني، من أطاع الله هل تضره معصية أحد ؟ قال: لا.
قال: فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحد ؟ قال: لا.
قال: هو الخلاص إن أردت الخلاص.

ال يحيى بن أيوب: دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل بن عياض، فإذا معه شيخ، فدخل زافر، وأقعدني على الباب.
قال زافر: فجعل الفضيل ينظر إلي ثم قال: هؤلاء المحدثون يعجبهم قرب الاسناد، ألا أخبرك بإسناد لا شك فيه، رسول الله عن جبريل، عن الله: (نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد) [ التحريم: 6 ]. فأنا وأنت يا أبا سليمان من الناس، ثم غشي عليه، وعلى الشيخ، وجعل زافر ينظر إليهما، ثم خرج الفضيل، وقمنا، والشيخ مغشي عليه

.





- رسالة ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض :
- يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب

هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب
[/align]