بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المتعارف عليه في جميع أنحاء العالم أن أفضل مصدر لتغذية الطفل هو لبن الأم ولكن لماذا ؟
لقد وجدت أن ما يتكون في ثدي الأم في الأيام الأولى بعد الولادة وقبل إدرار الحليب وهو ما يسمى ( اللبأ ) له فوائد كثيرة ، منها أنه يمد الطفل بعوامل تساعد على نمو الجهاز الهضمي وتسهيل عملية الهضم والإخراج .
كما يحتوي على نسبة عالية من البروتينات ، أهمها الأجسام المضادة ، وهذه البروتينات في لبأ الأم تمتص بسهولة ويستفاد منها خصوصاً للمخ الذي ينمو سريعاً في هذه المرحلة لذلك فإن بعض الدراسات أثبتت أن مستوى الذكاء لدى الأطفال الذين تغذوا على لبن أمهاتهم أعلى بكثير من أولئك الذين تغذوا على لبن الأبقار .
وكذلك فإن لبن الأم يحتوي على دهون مشبعة وغير مشبعة بالإضافة إلى الكولسترول والتي تعتبر مكونات مهمة لأنسجة المخ والأعصاب وهذه الدهون في لبن الأم سهلة الهضم مقارنة بتلك التي يحتويها الحليب الصناعي ، كما أن الطاقة التي يوفرها حليب الأم تستهلك بشكل أفضل بدليل أن الأطفال الذين يتغذون على لبن الأم فقط تزداد أوزانهم بشكل طبيعي مع أن كمية اللبن الذي يتناولنه أقل من أقرانهم الذين يتناولون الحليب الصناعي ولعل السبب في ذلك يعود إلى ما يحتويه لبن الأم من العوامل المساعدة على النمو والإنزيمات والهرمونات التي يفتقر إليها الحليب الصناعي .
هذا من ناحية فوائد لبن الأم لنمو الطفل ونمو أجهزة جسمه المختلفة النمو الصحيح السليم ولكن هناك من فوائد أخرى ؟
نعم فلبن الأم مهم في الوقاية من كثير من الأمراض فهو يعزز المناعة الطبيعية بتحفيز جهاز المناعة في الجسم ، وقد اثبتت دراسات عديدة أن الأطفال الذين تغذوا على لبن أمهاتهم أقل عرضة للإصابة بالإلتهابات الفيروسية والبكتيرية كما أن الأبحاث ما زالت جارية ونتوقع أن الرضاعة الطبيعية قد توفر حماية ومناعة طبيعية ضد مرض السكري والسرطان الذي لوحظت زيادة في الآونة الأخيرة .
وهناك دراسات حديثة أوضحت أن هناك علاقة عكسية بين كمية الحليب الطبيعي الذي يستهلكه الطفل خلال شهوره السته الأولى وبين خطورة الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي كالإسهال والنزلات المعوية وأمراض الجهاز التنفسي والتهابات الأذن .
كذلك فإن لحليب الأم فوائد في الحماية ضد أمراض تختلف تبعاً لنوع التغذية فالأطفال الذين يتغذون على الحليب الصناعي تختزن أجسامهم نسبة عالية من الدهون عند مقارنتهم بأطفال الرضاعة الطبيعية وهذا له أثره السيئ في المستقبل ، حيث يؤدي إلى السمنة وأمراضها المتعددة .
ولا ننسى فوائد الرضاعة الطبيعية من الناحية النفسية التي تمنحه الشعور بالأمان والحنان ، وحيث إن الظواهر التي تدعم أن لبن الأم هو الأفضل لتغذية الطفل قوية جداً فقد قامت الخدمات الصحية العامة في الولايات المتحدة بتحديد أهداف لعام 2000 وهي رفع نسبة الأمهات الجدد اللاتي يرضعن رضاعة طبيعية إلى 75% عند الخروج من المستشفى بعد الولادة ، ولكن حتى الآن فإن النسبة لم تتجاوز 60% وأقل من نصف هؤلاء الأمهات " أي أقل من 30 % " يستمررن بإرضاع اطفالهن لمدة ستة أشهر .
وبعد أستعراض بعض ولا أقول كل فوائد الرضاعة الطبيعية بالنسبة للطفل والتي أثبتتها الدراسات العلمية المتواصلة والتي نحن في غنى عنها لو أننا أمتثلنا أمر الله سبحانه وتعالى حيث قال في محكم كتابه : { والوالدت يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } .
اقول بعد كل ما قرأته أختي الفضالة أيتها الأم الحنون هل ستقدمين راحتك ومتعتك الشخصية لمدة ستة أشهر او في بعض الأحيان سنة أو سنين على راحة وصحة فلذة كبدك طوال سني عمره التي قد تصل إلى 60 – 70 سنة والتي قد يعاني فيها الكثير من المتاعب الجسدية والنفسية بسبب قرارك الذي اتخذتيه بحرمانه من لبنك الذي يساعد على بناء جسمه الضعيف ويزوده بمناعة قوية ضد الأمراض المعدية والأمراض النفسية ، وقبل هذا وذاك يحدد مدى ذكائه وإبداعه وهذا القرار الذي لم يؤخذ رايه فيه ولو سالته لقال بملء فمه لا .. لا .. يا أمي لا ترحميني لبنك وحنانك الذي أنا في أمس الحاجة إليه .
أخيتي احتسبي الآجر في إرضاع طفلك ولن يضيع الله أجر ما تعانينه من متاعب فإن عظم حق الأم من عظم مشقتها بحمل طفلها وإرضاعه وتربيته فإذا تخلت الأم عن إرضاع طفلها
ووكلت ذلك للخادمة وتخلت كذلك عن التربية للخادمة ، فأي جيل سينشأ ؟ وماذا نرجو من أبنائنا بعد كل هذا هل نرجو برهم وحنانهم الذي حرمناهم إياه في صغرهم .

بقلم الدكتورة / هناء عبدالرحمن الزامل
الدعوة – العدد 1730 – 1420 هـ