يلومني العديد من أصحابي على قضاء معظم أوقات فراغي في البر وعدم مرافقتهم إلى الأسواق أو المقاهي أو ما شابهها من الأماكن التي يقضي بها غالب الشباب أوقاتهم ، فجادت القريحة بهذه الخاطرة المتواضعة لتكون رداً لكل من يسألني عن الفائده المكتسبه من قضاء الوقت في البر.


في رحلةًًٍَ برية
وفي نزهةٍ روحانية
في ظلال الأصدار والخمائل والأشجار
تلوح لك عظمة الخالق ويرق قلبك الخافق
فما أن يلوح الصباح ، حتى تبدأ نفسك بالانشراح
فيرفرف البلبل الصداح ، وتشم العطر الفواح
وتسمع العصافير، تسبح العلي القدير
وترى قطرات الندى البراقة !
التي تداعب أوراق الزهور فتزيدها نظارة واشراقة
ويحركها النسيم العليل
الذي يشفي كل عليل
فينشر في الجو العبير
فما تملك إلا أن تلهج بالتهليل ، وتسبح العلي القدير
فتبتهج نفسك المسكينة ، المنهمكة في المدينة
فتمتع ناظريك بالخضرة النظرة
وتخالط خلجات قلبك المسرة
أشجارٌ وجبال ، وشمسٌ وضلال
وماءٌ دفاق ، وسحابٌ رقراق
وهواءٌ طلق ، وعجائب من الخلق
وصباحٌ مشرق ، وحبورٌ مغدق

وتمتع سمعك بأنغام الطبيعة
فهناك مقطوعاتٌ شجيه
وهناك إيقاعاتٌ رومانسية
هديلٌ ، وخرير
وزقزقةٌ ، وقوقأة
ونقيقٌ ، ونعيق
وحفيفٌ ، وفحيح
ألحان تهيض الأشجان ، وتذكرك بالواحد الديان

ويسحرك المكان ، بشذى الريحان
والكادي ، والظهيان
والدوش ، والبردقوش
والبرك ، والراك
والبشام ، والضرم
فتبتعد عن ضجيج المدنية ، وتكون بخلوةٍ معينة
حياةٌ بدائية ، بعيدةٌ عن الغوغائية
تسودها الحرية والطمأنينة
فالبر رياضة أبدان ، وصفاء أذهان ، وانشراح وجدان
فنهاري كدحٌ ووناسة ، وسياحة ورماية
أعيش يومي وأنسى همومي
صباحي يبدأ بالعمل ، ونفسي مليئةٌ بالأمل
أجلب الماء من المحفر
وأعد خبز البر ، وألاحق صيد البر
أحضر الحطب ، وأعد النصب
أوقد النار ، وأكنس الدار
أغسل لباسي ، وأنفض فراشي

فتكون مابين تفكرٍ في الملكوت ، ومكابدة للحصول على القوت
وما بين تأملات ، ونفحاتٍ ، وعبرات
فتشتغل بنفسك ، فيذهب غمك
وتعتزل الناس ، فيأتيك النسناس
وتحس بضعفك ، فتطلب ربك

ومع حلول الظلام ، تبدأ نفسك بالهيام
فيهدأ الكون ، ويعم السكون
الذي يتخلله عواء سرحان ، بين الحين والحين
ويشاركه البوم بنعيبه المشؤوم

وبعد لحظات .........
يتوسط البدر كبد السماء ، كما تتوسط الشامة بخد الحسناء
وترى الدب والعقرب ، والحمل وسهيل
فتمد الحصير ، وتحدق بالفضاء المثير!!!
فيغلبك الحنين، الذي تبدده بالأنين
ويجيش القلب ، بذكر المحب
فتستلهم من الطبيعة ، وصوفه البديعة
فالقمر طلعته ، والغروب وجنته
والنجوم عقده ، والغصن عوده
والتوت شفته ، والماء رقته
والحرير نعومته ، والشدو صوته
والمسك نفسه ، والنسمة حسه
والعسل ريقه ، والماس بريقه
والظلام شعره ، واللول بثغره
والغزال بمشيته ، في هيبته وريبته

وبعد مشوارٍ مع الخيال ، وتجسيدٍ للمحال
تخلد إلى المنام وتترك الأحلام
لتستقبل يومك الجديد ، بجهدٍ مديد
وفعل سديد



تحياااااااااااااااااااااا اتي