والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،



تعريف البدعة لغة واصطلاحاً

أولاً : تعريف البدعة لغة :

قال الراغب الأصفهاني : ( الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء ... والبديع يقال للمبدع نحو قوله :
( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ). وقوله تعالى : ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) قيل معناه مبدعاً
لم يتقدمني رسول ... والبدعة في المذهب إيراد قول لم يستن قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة وأماثلها المتقدمة وأصولها المتقنة ) [المفردات ص 38-39]

وقـال أبـو الـبـقـاء الـكـفـوي : ( الـبـدعة كـل عمل عـُمل عـلى غـير مـثـال سـبـق فـهـو بدعة ) [الكليات ص 226]

ثانياً : تعريف البدعة اصطلاحاً :

اختلفت أنظار العلماء في تعريف البدعة وتحديد مفهومها فمنهم من حصر البدعة في باب العبادات فضيق مفهومها فقصرها على
الابتداع في باب العبادات اصطلاحاً .
ومنهم من وسع مفهومها فأطلقها على كل محدث من الأمور وجعلها تنقسم إلى أقسام خمسة : فهي إما واجبة أو مندوبة أو مباحة أو
مكروهة أو محرمة [انظر مسالك العلماء في تعريف البدعة في المصادر الآتية : قواعد الأحكام 2/172 ،
الاعتصام 1/37 ، تهذيب الأسماء واللغات 3/22 ، الباعث ص 13 ، اقتضاء الصراط المستقيم ص 270 ، الأمر بالاتباع ص 81 ، تلبيس إبليس ص 16 ، فتح الباري 5/156 ، جامع العلوم والحكم ص 335 ، الفروق 4/202 ، تهذيب الفروق 4/217 ، الإبداع ص 26 ، البدعة ص 195 ، إصلاح المساجد ص 14 ، إتقان الصنعة ص 7 ، السنة والبدعة ص 195 ، السنن والمبتدعات ص 15 ، كلمة علمية هادئة في البدعة وأحكامها ص 12 ، فتاوى العقيدة ص 611 ، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 2/321 ، الموسوعة الفقهية 8/21.
(1) قواعد الأحكام 2/172 فما بعدها ، فتاوى العز بن عبد السلام ص 328 ، تلبيس إبليس ص 16-17 ، تهذيب الأسماء واللغات 3/22-23 ، الباعث ص 28 ، الفروق 4/202-205 ، النهاية 1/106 ، عمدة القاري 8/245 ، فتح الباري 5/156-157 ، الأمر بالاتباع ص 89 ،
الإبداع ص 31]
وقد سار على أحد هذين المنهجين علماء أجلاء وعلماء أعلام لكل وجهة هو موليها وكل منهم يقصد الوصول إلى ما اعتقد أنه الحق والصواب وكل منهم اجتهد فله أجران إن أصاب وأجر واحد إن خالف قوله الصواب وسنذكر المنهجين بإختصار شديد و نبين الراجح مع الاستدلال بإختصار شديد.



المنهج الأول للعلماء في تعريف البدعة:

يرى جماعة من أهل العلم منهم الإمام عز الدين بن عبد السلام سلطان العلماء وابن الجوزي وأبو شامة المقدسي والنووي والعيني
وابن الأثير والقرافي والحافظ ابن حجر والسيوطي وغيرهم [قواعد الأحكام 2/172 فما بعدها ، فتاوى العز بن
عبد السلام ص 328 ، تلبيس إبليس ص 16-17 ، تهذيب الأسماء واللغات 3/22-23 ، الباعث ص 28 ، الفروق 4/202-205 ،
النهاية 1/106 ، عمدة القاري 8/245 ، فتح الباري 5/156-157 ، الأمر بالاتباع ص 89 ، الإبداع ص 31]
أن البدعة تطلق
على كل محدثة لم توجد في كتاب الله سبحانه وتعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه و سلم سواء أكانت في العبادات أم العادات وسواء أكانت محمودة أو مذمومة.
ويرى هؤلاء العلماء أن البدعة تنقسم إلى حسنة وسيئة فإن وافقت السنة فهي حسنة محمودة وإن خالفت السنة فهي سيئة مذمومة .
وبناء على هذا الأساس قالوا إن البدعة تنقسم إلى الأقسام الخمسة فهي إما أن تكون واجبة أو مندوبة أو مباحة أو مكروهة أو محرمة .

المنهج الثاني للعلماء في تعريف البدعة:

وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن البدعة مخالفة للسنة ومذمومة شرعاً لأنها محدثة لا أصل لها في الشرع وعلى هذا الإمام مالك
والبيهقي والطرطوشي وشيخ الإسلام ابن تيمية والزركشي وابن رجب والشُّمَنِي الحنفي وغيرهم ، واختاره جماعة من العلماء المعاصرين
[الفروق 4/202 ، تهذيب الفروق 4/229 ، الحوادث والبدع ص 21 ، اقتضاء الصراط المستقيم
ص 270-271 ، جامع العلوم والحكم ص 335 ، البدع والمصالح المرسلة ص 103-107]

وأساس هذا المنهج هو تعريف البدعة بالمحدث المخالف للسنة الذي جعل ديناً قويماً وصراطاً مستقيماً وعلى هذا مشى الشاطبي في أحد تعريفيه للبدعة حيث قال : ( فالبدعة إذا عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه . وهذا على رأي من لا يدخل العادات في معنى البدعة وإنما يخصها بالعبادات ) [الاعتصام 1/37]


المنهج المرجح في تعريف البدعة:

و بعد النظر في قولي العلماء تم ترجيح المنهج الثاني في تعريف البدعة على أنه لا بدعة حسنة في الدين و أن كل البدع مذمومة و
هذا للآتي - مع الرد على بعض الشبهات التي يطلقها كثير من المبتدعة بل و العوام على جواز الإبتداع و أنه هناك بدعة حسنة في الدين - الشبهات في الرسالة القادمة - :

1 . إن القول بأن البدعة في الدين تنقسم إلى حسنة وسيئة مما لا أصل له في الشرع فلا دليل عليه من قول الرسول صلى الله عليه و سلم
فلم يرد لفظ البدعة على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا على سبيل الذم .

2 . قال الشاطبي : ( إن هذا التقسيم - تقسيم البدعة خمسة أقسام - أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو في نفسه متدافع لأن من
حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثمَّ بدعة وكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها ... ) [الاعتصام 1/191-192]

3 . قول الرسول صلى الله عليه و سلم :
<< كل بدعة ضلالة >> عام في كل بدعة أحدثت بعده
صلى الله عليه و سلم للتقرب بها إلى الله عز وجل .

4 . قول الرسول صلى الله عليه و سلم :
<< كل بدعة ضلالة >> كلية عامة شاملة مسوَّرة بأقوى
أدوات الشمول والعموم " كل " والذي نطق بهذه الكلية وهو الرسول صلى الله عليه و سلم يعلم مدلول هذا اللفظ وهو أفصح الخلق
وأنصح الخلق للخلق لا يتلفظ إلا بشيء يقصد معناه [الإبداع في كمال الشرع ص 18]

ملحوظة : إن هذا المبحث الصغير من الأهمية بمكان ، إذ أن معظم أقربائنا و أهلنا و غيرهم من الأصدقاء و ما إلى ذلك يرددون هذه
الشبهات كالببغاوات لا يعلمون من ورائها إلا أن يحللوا ما يفعلون ، و للأسف كثيراً ما نقصر في الرد عليهم لا لأننا لا نريد بل لأننا
لا نعرف الرد على هذه الشبهات و غيرها مما سنحاول أن نورده بإذن الله تعالى في أقرب وقت ..



و يتبع إن شاء الله تعالى .. ببعض الشبهات و الرد عليها بإذن الله تعالى ،،