بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


من أسرار إجابة دعاء الصائم ..



للصائم دعوة لاترد



صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «للصائم دعوة لا ترد». لماذا؟
لأن الصائم منكسر القلب ضعيف النفس ذلّ جموحه وانكسر طموحه
واقترب من ربه وأطاع مولاه ترك الطعام والشراب خيفة من الملك
الوهّاب كفّ عن الشهوات طاعة لربّ الأرض والسموات
صحّ عنه عليه
الصلاة والسلام أنه قال: الدعاء هو العبادة . فإذا رأيت العبد يكثر من الإلحاح في الدعاء فاعلم أنّه قريب من الله واثق من ربه.

قال الصحابة: يا رسول الله!
أربّنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟
فأنزل الله عزّ وجلّ: وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الدّاعإذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون (البقرة:186).

وقد صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: إنكم لا تدعون أصمّ
ولا غائبا وإنّما تدعون سميعا بصيرا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته .

الدعاء حبل مديد وعروة وثقى وصلة ربّانية.
صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: لن يهلك أحد مع الدعاء .

الله ينادينا أن ندعوه ويطلب منّا أن نسأله قال الله تعالى:
ادعوا ربّكم تضرّعا وخفية إنّه لا يحبّ المعتدين (الأعراف: من الآية 55).

وقال أيضا:
وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنّم داخرين (غافر: من الآية 60).

لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه من جود كفّك ما علّمتني الطّلبا
صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول:
هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟.

وشهر رمضان هو شهر الدعاء وشهر الإجابة وشهر التوبة والقبول.

فيا صائما قد جفّت شفته من الصيام وظمئت كبده من الظمأ
وجاع بطنه أكثر من الدعاء وكن ملحاحا في الطلب.

وصف الله عباده الصالحين فقال:
إنّهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا
وكانوا لنا خاشعين» (الأنبياء: من الآية 90).

وللدعاء يا صائمين آداب
ينبغي على الصائم معرفتها ومنها:
عزم القلب والثقة بعطاء الله عزّ وجلّ وفضله.

صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسألة فإنّ الله لا مكره له .

ومن الآداب
الثناء على الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم
في أول الدعاء وأواسطه وآخره ومنها توخّي أوقات الإجابة
كالثلث الأخير من الليل وفي السجود وبين الأذان والإقامة
وفي أدبار الصلوات وآخر ساعة من يوم الجمعة وبعد العصر ويوم عرفة.
ومنها تجنّب السجع في الدّعاء والتكلّف والتعدّي فيه.
ومنها الحذر من الدّعاء بإثم أو قطيعة رحم.

أيها الصائم!
قبل الغروب لك ساعة من أعظم الساعات قبل الإفطار يشتدّ جوعك
ويعظم ظمؤك فأكثر الدعاء وزد في الإلحاح وواصل الطلب
ولك في السّحر ساعة فجد على نفسك بسؤال الحيّ القيّوم
فإنّك الفقير وهو الغني وإنّك الضعيف وهو القويّ وإنّك الفاني وهو الباقي:

يا ربّ عفوك ليس غيرك يقصد يا من له كلّ الخلائق تصمد
أبواب كلّ مملّك قد أوصدت ورأيت بابك واسعا لا يوصد
دعا إبراهيم عليه الصلاة فقال:
ربّ اجعلني مقيم الصّلاة ومن ذرّيّتي ربّنا وتقبّل دعاء *
ربّنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين
يوم يقوم الحساب ( سورة إبراهيم: الآيتان 40 – 41).

ودعا موسى عليه السلام فقال:
قال ربّ اشرح لي صدري * ويسّر لي أمري ( سورة طه: الآيتان 25 26).
ودعا سليمان عليه السلام فقال:
«قال ربّ اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنّك
أنت الوهّاب» (ص:35).
ودعا محمد صلى الله عليه وسلم فقال كما في الصحيح:
«اللهمّ ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض
عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون
اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء
إلى صراط مستقيم».

للدعاء أربع فوائد:

الأولى:

أنه عبوديّة لله عزّ وجلّ وتذلّل وثقة به وهي مقصود العبادة وثمرتها.

الثانية:

تلبية الطلب إما لإعطاء خير أو دفع ضرر وهذا لا يملكه إلا الله عزّ وجلّ.

الثالثة:

ادّخار الأجر والمثوبة عند الله إذا لم يجب الداعي في الدنيا وهذا أنفع وأحسن.

الرابعة:

إخلاص التّوحيد بطريق الدعاء وقطع العلائق بالناس والطمع فيما عندهم.


ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وهب لنا من لدنك رحمة
إنّك أنت الوهّاب.