#مراقبة الله في الخلوات#

كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمه عند الخلوات، فيترك ما يشتهي حذرا من عقابه، أإو رجاء ثوابه، أو إجلالا له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عودا هنديا على مجمر، فيفوح طيبه، ويستنشقه الخلائق، ولا يدرون أين هو؟

وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود.

فترى عيون الخلق تعظم هذا الشخص، وألسنتهم تمدحه، ولا يعرفون لم؟ ولا يقدرون على وصفه: لبعدهم عن حقيقة معرفته.

وقد تمت هذه الأراييح بعد الموت على قدرها، فمنهم من يذكر بالخير مدة مديدة ثم ينسى، ومنهم من يذكر مئة سنة ثم يخفى ذكره، ومنهم أعلام يبقى ذكرهم أبدا.

وعلى عكس هذا من هاب الخلق ولم يحترم خلوته بالحق-تبارك وتعالى- فإنه على قدر مبارزته بالذنوب، وعلى مقادير تلك الذنوب،يفوح منه ريح الكراهه، فتمقته القلوب، فإن قل مقدار ما جنى، قل ذكر الألسن له بالخير، وبقي مجرد تعظيمه. وإن كثر ؛ كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه، لا يمدحونه ولا يذمونه.

ورب خال بذنب كان سبب وقوعه في هوة شقوة فيعيش الدنيا والآخرة، وكأنه قيل له: ابق بما آثرت! فيبقى أبدا في التخبيط.

فانظروا اخواني إلى المعاصي أثرت وعثرت.

قال أبو الدرداء-رضي الله عنه-: إن العبد ليخلو بمعصة الله تعالى، فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر.

فتلمحوا ما سطرته، واعرفوا ما ذكرته، ولا تهملوا خلواتكم ولا سرائركم، فإن الأعمال بالنية، والجزاء على مقدار الإخلاص.