[frame="3 10"][CENTER]{إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} التوبة40
سيدنا موسى عندما خاف قومه بعد خروجهم من مصر من اللحاق بهم فقالوا له: النجدة فقال لهم: لا تخافوا {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} الشعراء62
أنا معي ربي لا تخافوا

ولكن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}
أي معنا جميعاً ولم يقل إن الله معي ، ومعنا هذه هى بشرى لكل مؤمن إلى يوم القيامة ولذلك أيده الله في كتاب الله فقال {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} الحج40
فالذي ينصر الله ينصره الله ، وهل الله يحارب لننصره؟ لا، ولكن يعنى من ينصر شريعته ويقيمها في نفسه وفي بيته وفي عمله وفي أهله وفيمن حوله ، فنصر الله يعني إحياء شريعة الله والعمل بها بين خلق الله
وماذا كانت النتيجة ؟ بماذا أيده الله صلى الله عليه وسلم؟ {فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} التوبة40
أولاً أنزل عليه السكينة ، وكيف نأتي بها؟ لا تأتي إلا بتوفيق الله لمن أحبه الله واجتباه {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} الفتح4
وكما أنزل عليه السكينة أنزل علينا السكينة ، والسكينة يعني الطمأنينة بوعد الله والثقة في قدرة الله ورعاية الله وكلاءة الله وصيانة الله وحفظ الله لمن تمسك بشرع الله ابتغاء وجه الله ، فكما أنزل الله عليه السكينة أيضاً فتح المجال لجميع المؤمنين
وأعلمنا علم اليقين أن السكينة لا تأتي إلا من عنده وهو الذي ينزلها بنفسه حتى أنه لا ينزلها عن طريق ملك ولا عن طريق أي كائن أو مخلوق بل هو ينزلها ولم يقل ينزل (بالمضارع) بل قال أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ، فيحبب إليهم الإيمان ويشرح صدروهم للعمل بأركان الدين والاهتداء بتعاليم القرآن والتأسي بسنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم
ثم ماذا؟ {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} التوبة40
أيده بالملائكة وأيده بالأرض وقال له: الأرض طوع أمرك مرها بما شئت فيقول لها: خذيه فتمسك بفرس الفارس الذى خرج ليلحق به وتغوص به ، فيقول لها اتركيه فتتخلى عن الفرس فكانت طوع أمره صلى الله عليه وسلم وليس مرة واحدة ولكن ثلاث مرات ، وأيده بالحمام وأيده بكائن بسيط وحشرة صغيرة وهي العنكبوت
وأيده بالأنصار وأيده بالمهاجرين بل وأيده بأناس قبله جهزوا له المكان الذي سيسكنه صلى الله عليه وسلم فالهجرة إلى المدينة كان يعلمها من قبل من لحظة نزول الوحي عليه أخذته زوجته السيدة خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وقال له: ليتني أكون فيها جزعاً {يعني شاباً فتياً} عندما يخرجك قومك ، فقال: أو مخرجي هم؟ قال: نعم ما أُرسل رسول بما أرسلت به إلا أخرجه قومه
حتى المكان الذي هاجر إليه صلى الله عليه وسلم كان يعلمه منْ سبقه من الأنبياء والمرسلين ولذلك يروي القرآن أن اليهود تركوا بلاد الشام وجاءوا إلى المدينة مترقبين ظهور النبي الذي قرُب زمانه وعندهم صفاته وكانوا يرجون أن يكون منهم وقد ذكر الله ذلك {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} البقرة89
فقد كانوا عندما تحدث بينهم حرب وبين أي قبيلة يقولون كما قالت السيرة العطرة: {اللهم بحق النبي الذي ستبعثه في آخر الزمان انصرنا عليهم} فينصرهم الله ، وهذا معنى {يَسْتَفْتِحُونَ} أي يطلبون به النصر فينصرهم الله ، هل كانوا يعرفونه؟ القرآن يقول {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} البقرة146
وهل هناك أحد لا يعرف أولاده

الذي أريد أن أصل له أننا جميعاً لنا نصيب في هذا الأمر إذا استمسكنا بهدى الله ولم تغرينا مغريات الحياة ، ما الذي جعل الله ينصر رسول الله هذا النصر العظيم؟ أنه تمسك بهدى الله رغم ما عرضوا عليه في هذه الحياة
فقد عرضوا عليه المال وقالوا: إذا كنت تريد مالاً جمعنا لك مالاً حتى تصير أغنانا ، وإن كنت تريد الملك جعلناك ملكاً علينا ، وإن كنت مريضاً طلبنا لك الشفاء والدواء والأطباء ، قال: لا أريد ملكاً ولا مالاً ولا أي شئ في الدنيا {إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ} هود29
أريد أن تهتدوا إلى الله ولا أريد منكم شيئاً ، ولذلك قيل فى الأثر: {كن مع الله يكن الله معك}