[frame="10 10"]
إن الله أكرمنا ببركة النبى وأعطانا فوق ما أعطى النبيين والمرسلين السابقين ، وانظروا معى إلى آيات كتاب الله وهى تحكى لنا ذلك ، نبى الله إبراهيم - وكان يُسمى أبو الأنبياء – كان يدعوا الله دوماً فيقول: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ{87} يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89} الشعراء


والخزى أى الفضيحة ، والفضيحة يوم القيامة - حفظنا الله جميعاً من ذلك – تكون لمن يحاسب علانية أى يحاسبه الله أمام جميع الخلق فيُخزى ويفتضح ويظهر شأنه أمام الجميع ، كان سيدنا إبراهيم يطلب من الله ألا يحدث له ذلك ، ابو الأنبياء يطلب ذلك أما نحن أُمة النبى صلى الله عليه وسلم فمنَّ الله علينا ببركة النبى ورفع عنا ذلك وبشرنا وقال لنا: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} التحريم8


حفظنا الله من عذاب الخزى ، إذاً كيف يكون حسابنا؟ من خصائص الله لنا وتفضيله لنا عن سائر الأمم ما قال فيه صلى الله عليه وسلم: {نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}{1}


أى نحن الآخرون فى البعث فى الدنيا ونحن الأولون فى الحساب غداً يوم القيامة ، وقال أيضاً: {نحن آخر الأمم وأول من يحاسب ، يقال أين الأُمة المحمدية؟ فنحن الأولون الآخرون} وفى رواية: {المقضى لهم قبل الخلائق}{2}


فنحن أظهر الله لنا فى القرآن مساوئ وعيوب الأمم السابقة ولكن الله لن يأتى بأحد بعدنا حتى لا يعرف أحد مساوئنا وعيوبنا إلا الله ، والله كريم يكرمنا ببركة النبى صلى الله عليه وسلم فيجعلنا أول الأمم فى الحساب ، كيف يكون الحساب؟ يكون الحساب لهذه الأمة دون سائر الأمم كما قال صلى الله عليه وسلم :


{يُدْنَى الْمُؤْمِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ عز وجل حَتَّى? يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى? صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى? بِهِمْ عَلَى? رُؤُوسِ الْخَلاَئِقِ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى? اللّهِ}{3}


لن يفتضح فى هذا اليوم من هذه الأُمة المرحومة إلا من جاهر بالكبائر واستمر يفعلها حتى الموت ولم يتب إلى الله منها ، مع أن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار حتى تطلع الشمس من مغربها ، وقد اختار الله ذلك لهذه الأمة من قبل القبل


فقد روى فى الأثر أن الله لما خلق الأمم وهى أرواح قبل الأجسام والأشباح ، وخلق القلم ليكتب أقدار الأمم ، وأملاه الله: اكتب يا قلم ، أمة آدم من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى دخل النار ، فكتب القلم ، فقال الله : أكتب ياقلم أمة نوح من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى دخل النار ، واستمر حتى قال أُمة محمد ، فهمَّ القلم أن يكتب ما كتبه لكل الأمم ، فناداه ربُّ العزة عز وجل: اسكت يا قلم ، فانشقَّ القلم من هيبة الله ، ثم قال له الله متفضلاً على هذه الأُمة وعلينا أجمعين: اكتب ياقلم ، أمة محمد صلى الله عليه وسلم أُمةٌ مذنبةٌ وربٌّ غفور {ورد فى الأثر}


ولذلك جعل الله لهذه الأمة المحمدية المرحومة خصوصية فى الحساب فى الآيات القرآنية التى يقول فيها ربُّ البرية: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} الأحقاف16


أكرمنا الله برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فجعلنا ببركته صلى الله عليه وسلم من أهل الشفاعة العظمى ، كيف ذلك؟ أبيِّنُ لكم : يشفع لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم وليس هذا فحسب بل ومنَّ الله علينا بأن جعل بعضنا يشفع فى بعض ياللرحمة


فيشفع رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا كما يشفع فى الأمم السابقة كما وضح كتاب ربنا ، ففى الأمم السابقة يقول الله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً} النساء41


وفينا يقول الله سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} البقرة143


فأوجب الله لنا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأطلق الله لنا الشفاعة فى بعضنا حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم: {اسْتَكْثِرُوا مِنَ الإخْوَانِ فَإنَّ لِكُل مُؤْمِنٍ شَفَاعَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}{4}


لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة يعطيها له الله يشفع فيها فيمن يريد فضلاً من الله وإكراماً من الله وخصوصية لهذه الأمة ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم



{1} صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه {2} سنن ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما {3} الصحيحين البخارى ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما {4} ابن النَّجَّارِ في تاريخِهِ عن أنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ {جامع الأحاديث والمراسيل}
[/frame]