السعودية.. سوق جديدة للعقارات غير المكتملة والمتعثرة:

لم يعد صعبا أمام المستثمرين في السعودية شراء عقار نصف مكتمل، أو متعثر، أو ينقصه بعض الإضافات والمواصفات؛ إذ أصبح العقارات غير المكتملة أو المتعثرة سلعة رائجة في المملكة بعد ارتفاع أسعار مواد البناء التي عطلت الكثير من المشاريع العقارية، خاصة الصغيرة منها، أو العائدة لصغار الملاك.

وتشهد السعودية حاليا عددا كبيرا من الإنشاءات في مختلف التوجهات، كالمساكن والمباني الاستثمارية، والمراكز التجارية، بالإضافة إلى المشاريع العقارية المتكاملة كالأحياء والمدن، إلا أن ارتفاع أسعار مواد البناء قد يغير من الميزانية المخصصة لتلك المباني والعقارات، الأمر الذي فتح باب استثمار جديد في شراء تلك المباني وتكملتها بما يتناسب مع التوجهات الاستثمارية، وتحقيق عوائد ربحية.

سلعة مطلوب:

ونقلت جريدة الشرق الأوسط في تقرير للصحفي مساعد الزياني اليوم السبت 5-4-2008 عن عقاريين قولهم إن العقارات غير المكتملة والمتعثرة باتت سلعة مطلوبة في ظل رخص أسعارها مقارنة بالعقارات الجاهزة، حيث إن البائع يرغب في بيع عقاره بسعر يوفر له سيولة لإيجاد بديل للعقار الذي لم يعد مجديا بالنسبة له، في حين إن المشتري يرى في ذلك فرصة باستخدام مواد بناء لتكملة المنزل بديلة عمَّا هو موجود في خطة البناء تكون أرخص، بالإضافة إلى إعادة تصميم المسكن أو المجمع من الداخل بما يتناسب مع المصروفات، أو بما يتناسب مع الجدوى الاستثمارية الجديدة في المباني التجارية.

ويشير محمد السبيعي صاحب مكتب عقاري يعرض عددا من المنازل غير المكتملة للبيع، إلى أن الكثير من الزبائن يسعون لامتلاك منازل غير مكتملة ومتعثرة؛ حيث إن تلك المنازل تفتح لهم آفاقا جديدة، من اختصار للوقت، إلى إيجاد تصميم يتناسب مع تطلعاتهم، وتوفير في قيمة الشراء، بالإضافة إلى اختصار للجهد المبذول في بناء منزل جديد، مشيرا إلى أن الارتفاع المتواصل في تكاليف بناء العقارات، وارتفاع أسعار اليد العاملة، جميعها تسببت في توقف بناء الكثير من المنازل والمباني المختلفة.

وأضاف أن ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات قد يكون سببا آخر في وجود عوائد مادية إيجابية على ملاك تلك العقارات من خلال تحقيق أرباح تتراوح ما يبن 15 إلى 25% من سعر التكلفة الحقيقية للأرض أو للمباني، مما قد يدفع إلى بيع المنزل وتحقيق ربح مجز وإعادة البناء من جديد.

وذكر السبيعي أن كثيرا ممن توقفت أعمال البناء في منازلهم أو في مبانيهم يسعون إلى بيع تلك المنازل، وإعادة بناء منزل أو مبنى جديد بما يتوافق ويتناسب مع ما حققوه من مبالغ في بيع العقار الأول، الأمر الذي يسجل دائرة عقارية جديدة تعتمد بيع عقارات غير مكتملة وبناءات جديدة بشكل أصغر وأقل تكلفة، للعمل على إمكانية الانتهاء من كافة تفاصيله.


الخلافات.. سبب آخر

ولفت العقاري إلى وجود عدد من المباني والمراكز التجارية والأبراج المتعثرة، نتيجة اختلاف الشركة مع شركات المقاولات أو اختلاف أعضاء الشركات على تصميم المبنى أو تكلفته، مما يوقف العمل في ذلك المباني، والتوجه إلى طرح للبيع بسعر يضمن عودة رأس المال أو أقل بما يرضي جميع الأطراف، مبينا أن هذا المنتج شهد حركة كبيرة خلال الفترة الماضية.

وذكر أن أغلب ملاك العقارات المتعثرة يتوجهون إلى الاستفادة من سعر الأرض وسعر المبنى إلى استثماره بشكل أصغر مما كان مخططا له.

من جهته، ذكر يوسف الغامدي وهو مدرس في إحدى مدارس مدينة الدمام شرق السعودية، أنه عمل على بيع أرض مساحتها 850 مترا مربعا في حي المزروعية بالقرب من الكورنيش بقيمة تتجاوز مليون ريال (266 ألف دولار) وشراء أخرى في مدينة الخبر بمساحة أصغر تبلغ 500 متر مربع بقيمة تصل إلى 400 ألف ريال (106 آلاف دولار)، وذلك بعد أن تأكد من ارتفاع تكلفة البناء في أرضه بالدمام، الأمر الذي دعاه إلى بيعها وشراء أخرى وتوفير مبلغ ليتمكن من بناء أرضه في مدينة الخبر.

وأشار الغامدي إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء وارتفاع تكلفة مؤسسات المقاولات والإنشاءات دفعه لبيع أرضه في الدمام وشراء أخرى في الخبر؛ حيث يعتزم الغامدي إسناد بنائها إلى مؤسسة صغيرة للإنشاءات، حيث إن أسعار تلك المؤسسات يتناسب في الغالب مع خطط الفرد لبناء منزل.

يذكر أن السعودية تشهد حركة في الإنشاءات والمقاولات، نتيجة التنمية العقارية التي تشهدها البلاد من خلال المدن الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية الحكومية، الأمر الذي أدى إلى حركة إشغال كبيرة لدى المقاولين، إضافة إلى التضخم الذي تشهده السعودية والذي يعتبر الأعلى منذ فترة مما تسبب في تعثر بناء عدد من المباني والمنازل والعقارات بمختلف أشكالها.

بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التعمير، ووجود الفجوة بين العرض والطلب، وعدم وجود مشاريع عقارية متكاملة تطرحها الشركات العقارية في الوقت الحالي، الأمر الذي يدفع الأفراد إلى بناء المنازل بشكل فردي وعشوائي يتسبب في أخطاء في عمليات البناء والتصميم قد لا تتناسب في معظم الأحيان مع توجه الأفراد، في حين تعمل الشركات العقارية إلى بيع منتجاتها على شكل مجموعات لضمان بيع أكبر عدد من الوحدات العقارية.