[frame="4 80"]
جاء الصباح .. أخرجتني ماما من غرفتي .. لتضعني في غرفة الخادمة .. بكيت .. ثم بدأت أصرخ فأنا لا أريد أن أبقى مع الخادمة .. لــكنها خرجت وقد لبست عباءتها الملونة التي طالمـا حدقت في تفاصيلهـا الكثيرة
ولما أشتد بكائي بعد سماعي لصوت الباب يغلق ..
حاولت ( ناني ) ـ هذا اسم خادمتي ـ إسكاتي .. لكنهـا لم تفلح بكيت كثيراً ..
ثم نمت في حضنهـا
وقد أنهكني البكاء ..

أماه قلبي في الحياة يعاني *** وترن أشعاري بــلا أوزانِ
قد كنت أحيا في الحشا متنعمًا *** تحت الفؤاد وخفقه المـتواني
فأنا أبادلك الوداد بخفقة *** أو ركلةٍ من عاشق ولهانِ
وأتيتُ يا أماه أرقبُ دفقةً *** من نفسك الملأى بكل حنانِ
ولمستني بيدي فؤادك رحمة *** وتبسمتْ شفتاك عن إحسانِ
وظللت أسعد بالحياة منعمًا *** حتى أتاني من صروف زماني
فأفقت في أحضان أم واله *** مكدودةٍ موصولة الأحــزان
هي ذات قلب مشــفقٍ متلهفٍ *** هي ذات صدر دافئ الأركانِ
هي ذات كف ناعم لكنـها *** مخزونة تحيا لآخــر ثانـي
هي فارقت ولدًا يفيض بعبرة *** هي أسبلت دمعًا بكل أوانِ
ترنو إليّ بنظرة ملتاعة *** تتذكر الولد البعيد الثاني
أماه أنتظر اللقاء بلهفة *** ويكاد من فرحي يطير جناني
وأظل أرقب بابنا في فرحة *** وأُطِلُّ أصرخ مقبلاً بحنان
أهوي بنفسي من يديها صارخًا *** فتقبلين وتتركين مكاني
وتسارعين إلى الفراش كأنكِ *** لم تشعري بمرارة الحرمان
وكأنك لم تحمليني تسعة *** أو تهتفي بالحب والحنانِ
أبكي وأبكي ثائرًا متألمًا *** فتقوم خادمتي تهز ثواني
حتى إذا ما النوم غالب أعيني *** قامتْ إلى الأعمال وهي تراني
يا ليتك يا أم بعد ضممتني *** ضم اللحاف لجسم الوسنان
يا ليتني مثل الحقيبة إنها *** محروسة من ساعدي وبناني
وكأن خادمتي التي ضمتني *** قتلت أمومتك بغير سنانِ


--------------------------------------------------------------------------------

أخوكم/ أبو عبد الرحمن إبراهيم بن محمد الأثري
أستاذ الدراسات القرآنية بدار الحديث للعلوم الشرعية
[/frame]