"التشييد والبناء" يقفز إلى صدارة اهتمام المتداولين في السوق السعودية:

أكد متداولون سعوديون أن قطاع التشييد والبناء بات واحدا من أكثر القطاعات التي تحظى باهتمامهم، قياسا إلى التطور اللافت في حجم أرباح معظم شركاته، حسبما أظهرت نتائج الربع الأول من العام الجاري.

ورأى هؤلاء أن الهيكلة الجديدة بمؤشراتها الخمسة عشر ساعدتهم في تركيز أنظارهم على قطاعات وليدة بعينها، بعد أن صار بإمكانهم رصد أداء تلك القطاعات ومتابعة بياناتها بدقة، ولم تكن متاحة لهم قبل 5 إبريل/نيسان 2008، الموعد الذي ودعت فيه السوق هيكلها القديم.


أفضل مكررات

وعلى خلفية ارتفاع مؤشر قطاع التشييد بحوالي 11% خلال آخر 5 أيام من التداول، أوضح المحلل محمد السريّع أن هناك عدة عوامل كونت للقطاع المذكور قاعدة من الجاذبية، على رأسها نسب النمو الكبيرة التي حققتها نصف شركات القطاع تقريبا، ما جعل مكررات أرباحها من أفضل المكررات في السوق.

وحسب النتائج الفصلية الأخيرة لشركات القطاع الإحدى عشرة، لم يكن هناك إلا شركة واحدة وقعت في فخ النمو السالب، فيما نجحت الشركات الباقية في تحقيق نسب نمو لافتة وصلت إلى 200%، كما لدى "أميانتيت"، تلتها "البحر الأحمر" بـ123%، فشركة البابطين بـ81%، وذلك مقارنة بنتائج الربع الأول من 2007.

وعبّر الرئيس التنفيذي لشركة المؤشر محمد السريع عن اعتقاده بأن أسعار أسهم شركات القطاع ما تزال ضمن الحدود المناسبة رغم الارتفاعات التي طالتها مؤخرا نتيجة تدفق السيولة إليها، وازدياد حركة الطلب عليها.

كما ركّز على "تميز مستوى الشفافية" في قطاع التشييد بالذات، والذي جاء انعكاسا لتطور سوية الشفافية في عموم السوق خلال الفترة الأخيرة، مضيفا بأن كثيرا من المستثمرين لا يشعرون بوجود بيانات جوهرية مغيبة أو غير مكتملة، فيما يخص شركات القطاع، ما يضيف لثقتهم به عاملا معززا.


توازن الأوزان

وبالمقابل، استبعد السريع أن يكون غلاء مستلزمات التشييد قد ساعد في نمو أرباح شركات القطاع التي تعتمد في مجمل نشاطاتها على إنتاج وتسويق مواد البناء، ضاربا المثل بشركة "البحر الأحمر" التي كان من المفترض أن تتأثر أعمالها سلبا نتيجة ارتفاع أسعار خامات البناء، لكنها حققت أرباحا استثنائية، تدل على توسع حقيقي في نشاطها محليا ودوليا.

ولفت السريع النظر إلى نقطة مهمة تعطي لقطاع التشييد ميزة تفضيلية عن غيره، قائلا: إن مؤشر القطاع يعكس بشكل دقيق ومتزامن أداء جميع شركاته، صعودا أو هبوطا، حيث لا يوجد في القطاع شركة كبيرة إلى الحد الذي يحجّم تأثير بقية الشركات كما في قطاعات أخرى، معتبرا هذا التوازن في الأوزان واحدا من محفزات التوجه نحو قطاع التشييد.

أما مراقب التعاملات عبد الله العامر فربط بين إعادة هيكلة السوق والاهتمام المتزايد من قبل المستثمرين ببعض القطاعات على حساب أخرى، موضحا: بعض الشركات كانت مفرقة أو تائهة -إن صح التعبير- بين قطاعات مختلفة في ظل الهيكلة القديمة التي كانت تعمل بها السوق قبل 5 إبريل، وعندما طُبقت الهيكلة الجديدة أخذت تلك الشركات مكانها المناسب وسياقها الصحيح، الذي يتيح متابعة أدائها ومقارنة نتائجها بنظيراتها.


خلطٌ بسبب التداخل

إلا أن العامر استدرك: لا يزال الخلط قائما نوعا ما بين قطاعي التشييد والتطوير العقاري، ولعل هذا عائد إلى تشابه وتداخل نشاط القطاعين بشكل واسع، ومن هنا فإن بعض التوصيات تضع الجميع في سلة واحدة، لا سيما عند استنادها إلى ما يسمى الطفرة العقارية، والحديث عن استمرارها لسنوات عدة.

وحاول العامر توسيع زاوية الرؤية، منبها إلى أن الجدل محتدم هذه الأيام بين فريقين يرى أحدهما أنه لا يزال أمام أسعار العقار متسع للارتفاع، بينما يرد المعارضون بأن "فقاعة العقار" أوشكت على الانفجار.

لكن المفارقة في رأي العامر أن المشككين في مستقبل العقار لا يترددون لحظة في شراء أسهم شركاته المدرجة، محاولين على الأقل الاستفادة من نتائجها المميزة التي دفعت بقطاع التشييد إلى مقدمة القطاعات المجزية على مستوى السوق السعودية بأكملها.

وتتفاوت التقديرات حول حاجة السعودية السنوية من الوحدات السكنية من أجل الموازنة بين العرض والطلب، حيث يخمّنها بعض الخبراء في حدود 200 ألف وحدة، بينما يرفعها آخرون إلى 300 ألف آخذا بالحسبان معدل النمو السكاني المرتفع في البلاد، لكن المتفق عليه تقريبا أن هناك فجوة واسعة بين العرض والطلب تصل إلى 50%، لصالح الأخير طبعا.


قطاعٌ يستحق التوسيع

وفي أوساط المتداولين، لمست "الأسواق نت" تقاطعا في الآراء حول جاذبية قطاع التشييد وما تحمله أسهم شركاته من وعود بمكاسب مجدية، لكل من يستثمر بها، حسب قولهم.

وأشار المستثمر مبارك الشمري إلى أن التوسع العمراني أمر "لا تخطئه عين"، وعليه فإن الاستمرار في زيادة أسعار مواد البناء والمساكن يعد نتيجة بديهية لا دخل لها إطلاقا بما يتم ترويجه عن إمكانية هبوط أسعار الأراضي، لأن لكل منهما ضوابطه الخاصة به.

واتفق عبد السلام البارقي مع هذا الرأي، معتبرا أن أمام شركات البناء شوطا طويلا جدا من التطور، في ظل ما يقال عن تدني نسبة من يمتلكون المساكن إلى أقل من 50%، وهذا ما يشجع على الاستثمار في قطاع التشييد، فضلا عن عامل الاستقرار النسبي لنشاط العقار إجمالا مقارنة بغيره من النشاطات الخاضعة للتقلب.

فيما تمنى راكان العيد أن تركز هيئة السوق على توسيع القطاعات الحيوية وزيادة مكوناتها، ومنها قطاع التشييد الذي يستحق أن تنضم إليه عشرات الشركات الرائدة، إشراكا لأكبر قدر من المساهمين في "خيراتها"، وتعبيرا عن ضخامة حجم سوق البناء في المملكة.