السعودية.. تردد إزاء اقتناء صكوك "سابك" لعدم وضوح العائد عليها:

هيأ إعلان "سابك" عن إصدارها الجديد من الصكوك الفرصة أمام تدفق عشرات التساؤلات والاستفسارات في أوساط المتداولين السعوديين، والتي انصبت في معظمها على جدوى اقتناء تلك الصكوك والعائد المادي المرجو منها.

فللمرة الثالثة خلال أقل من سنتين؛ تعتزم شركة الصناعات الأساسية طرح صكوك لا تتعدى قيمتها الإجمالية 5 مليارات ريال (الدولار يعادل 3.75 ريالات)، وذلك بدءا من السبت المقبل 3 مايو/آيار 2008، ولمدة 10 أيام.

وبينت الشركة أن قيمة الصك الواحد تبلغ 10 آلاف ريال، وهو الحد الأدنى للمشاركة في هذا الطرح المفتوح أمام جميع المستثمرين الخليجيين، من شركات ومؤسسات وأفراد.


التضخم في صف المقترض

وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي عبد الحميد العمري أن خيارات التمويل غالبا ما تكون مفتوحة على مصراعيها أمام الشركات الضخمة وذات الملاءة المالية المميزة، ومن هنا يأتي تنويع "سابك" في هذه الخيارات، بدءا من زيادة رأس المال، وانتهاء بإصدار الصكوك، مرورا بالاقتراض من البنوك.

وعن مغزى لجوء "سابك" إلى طرح صكوكها الجديدة بعد حوالي شهر من إقرار زيادة رأسمالها، قال العمري: إن مثل هذه الخطوة لا يمكن تفسيرها ولا فهمها إلا على ضوء المقارنة بين حجم أعمال الشركة في الماضي القريب وأعمالها اليوم، حيث توسعت "سابك" في نشاطاتها وغزوها للأسواق بنسبة تفوق 65% خلال أقل من سنة.
ولفت عضو جمعية الاقتصاد السعودية إلى أن "سابك" تتمتع باحتياطي ينمو باستمرار حتى بلغ في آخر "نتائج ربعية" مستوى 12.5 مليار ريال، ومع ذلك فإن الشركة على ما يبدو غير راغبة في المس بمركزها المالي عبر السحب من هذا الاحتياطي، ما دامت خيارات التمويل الأخرى متيسرة لها أكثر من أي شركة أخرى في المملكة.

وردا على السؤال الذي يشغل أذهان الكثيرين فيما يخص العائد المرجو من صكوك "سابك"؛ أكد العمري أن مستويات التضخم المرتفعة تجعل المقترض (الجهة الطارحة للصكوك) هو الطرف الأكثر استفادة من المسألة، لا سيما إذا ما علمنا أن معدل الفائدة الحقيقي على الودائع أصبح ضمن النطاق السالب فعليا، مضيفا أن انخفاض العائد السنوي لأي صكوك مطروحة عن 10%، يجعل من اقتنائها مجرد تحايل على تقليص الخسارة، مقارنة بتلك التي يتكبدها من يحتفظون بأصولهم مسيلة أو مودعة في البنوك.


تخفيض للتشجيع

وفي يوليو/تموز 2006 طرحت سابك أول صكوك لها بقيمة 3 مليارات ريال، حيث كانت قيمة الصك 50 ألف ريال، والحد الأدنى للشراء 10 صكوك، وبعدها بحوالي سنة جاء الإصدار الثاني مخفضا قيمة الصك إلى 10 آلاف ريال، وحدّه الأدنى إلى 5 صكوك، أما الإصدار الثالث فخفض الحد الأدنى مجددا إلى صك واحد.

واعتبر العمري هذا التخفيض بأنه نوع من أنواع تطوير وتشجيع الإقبال على السوق الثانوية للسندات، التي وصف تداولاتها بالبطيئة جدا إلى درجة يخيل لمتابعها أنها شبه مجمدة، رغم أهمية الصكوك في امتصاص السيولة الزائدة وفتح قناة استثمارية جديدة.

وأردف مذكّرا بأن الحكومة السعودية لم تصدر أي سندات تنمية منذ قرابة سنتين، ما جعل مؤسسة النقد تستعيض عن ذلك برفع الاحتياطي الإلزامي للبنوك أربع مرات متتالية خلال أقل من ثلاثة أشهر، لكبح جماح السيولة النقدية.

أما عن تأثير صكوك "سابك" على أداء سهمها خلال المدى المنظور، فتوقع العمري أن هذا التأثير لن يتضح جليا إلا مع إعلان الشركة صراحة عن طبيعة المشروعات التي تنوي تمويلها بتلك الصكوك، وهو إيضاح كان من المفترض أن تقدمه "سابك" منذ البداية بدل الاكتفاء بعبارة فضفاضة مفادها أن عوائد الطرح ستوجه لتمويل قسم من البرامج الإنتاجية الجديدة.


بيان "مستقل"

من جانبهم أعرب متداولون في سوق الأسهم السعودية عن اعتقادهم بأن الضبابية التي تلف معدل العائد على صكوك "سابك" تساهم إلى حد كبير في تخوف المستثمرين، وإعراضهم عما أسموه مخاطرة الشراء.

وأبدى طلال العسكر استغرابه من قلة المعلومات المتوفرة عن الصكوك، رغم أنه لم تتبق سوى أيام معدودة لطرحها، موضحا: تابعت الإعلان المنشور على موقع "تداول" والذي تنصح الشركة في نهايته جميع الراغبين في الاستزادة أن يزوروا موقعها الإلكتروني، وقد فعلت فلم أجد أي كلمة إضافية عن القضية، حيث كانت المعلومات الواردة في الموقع نسخة طبق الأصل عن المنشور في "تداول".

وأشار العسكر إلى أنه يعرف عددا غير قليل من المتطلعين للخوض في ميدان الصكوك، ولكن قلة درايتهم الناجمة عن ضعف التوعية بهذا الموضوع تجعلهم مترددين وأقرب إلى الإحجام.

وقال المتداول سعيد الفقعسي: إنه ينتظر معرفة العائد الفعلي على الصكوك ليتخذ قراره، مستدركا: سمعت البعض يرددون أن العائد لا يمكن أن يتعدى 4% في أحسن الأحوال، وهي فائدة لا أعتقد أنها تغري أي شخص إذا ما قارنها بالمضاربة في الأسهم.

وبعيدا عن قضية العائد المادي، لفت عبد الكريم الجابر إلى نقطة تتعلق بالجانب الشرعي في المسألة، معتبرا أن كلمة "صكوك" توحي لكثير من سامعيها بدخولها في باب المعاملات المالية المحرمة، ومع أن "سابك" أكدت خلال الإصدارات الثلاثة أن صكوكها متوافقة مع الشريعة؛ إلا أننا بحاجة لبيان من الفقهاء "المستقلين"، حيث إن الثقة بمصادقة بعض الهيئات التابعة للبنوك تبقى محل نظر، على حد تعبيره.