أخي الكريم الواقعي ..

إن ثقافة المجتمع الذي اعتنق الدين شكلا وابتعد عنه مضمونا ومحتوى .. أفرزت لدينا هذا النوع من التفكير ..

أخي الكريم لو نظرنا إلى القرآن الكريم والسنة المطهره لرأينا ما يناقض الكثير من العادات التي أصبحت معتقدات

لدينا ..

هذه الآيات من سورة النساء نزلت قبل أن يشرع الله عقوبة الزاني والزانية :

يقول تعالى (( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ۖ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي

الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا

عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ

اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)))


وهنا كما ترى في قول الله تعالى (( حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا )) والسبيل هو عقوبة الزنى التي نزلت بعد ذلك في سورة النور..

وانظر هنا إلى رحمة الله في الآيةالأخيره وهي آية التوبة يقول في تفسيرها ابن كثير :

يَقُول سُبْحَانه وَتَعَالَى إِنَّمَا يَقْبَل اللَّه التَّوْبَة مِمَّنْ عَمِلَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوب وَلَوْ بَعْد مُعَايَنَة الْمَلَك يَقْبِض رُوحه قَبْل

الْغَرْغَرَة . قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد : كُلّ مَنْ عَصَى اللَّه خَطَأ أَوْ عَمْدًا فَهُوَ جَاهِل حَتَّى يَنْزِع عَنْ الذَّنْب وَقَالَ قَتَادَة عَنْ أَبِي

الْعَالِيَة إِنَّهُ كَانَ يُحَدِّث أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ : كُلّ ذَنْب أَصَابَهُ عَبْد فَهُوَ جَهَالَة رَوَاهُ اِبْن

جَرِير. وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة قَالَ : اِجْتَمَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَوْا أَنَّ كُلّ شَيْء

عُصِيَ اللَّه بِهِ فَهُوَ جَهَالَة عَمْدًا كَانَ أَوْ غَيْره .فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : وَعِزَّتِي لَا أَمْنَعهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح وَقَدْ وَرَدَ هَذَا فِي حَدِيث مَرْفُوع

رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو وَأَبِي الْهَيْثَم الْعُتْوَارِيّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ : " قَالَ إِبْلِيس يَا رَبّ وَعِزَّتك لَا أَزَال أُغْوِيهِمْ مَا دَامَتْ أَرْوَاحهمْ فِي أَجْسَادهمْ . فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَال أَغْفِر لَهُمْ مَا اِسْتَغْفَرُونِي " فَقَدْ دَلَّتْ

هَذِهِ الْأَحَادِيث عَلَى أَنَّ مَنْ تَابَ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَرْجُو الْحَيَاة فَإِنَّ تَوْبَته مَقْبُولَة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى" فَأُولَئِكَ يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا


أرأيت أخي المبارك ..

وفي سورة النور بعد أن نزلت آيات عقوبة الزنا :

قال تعالى (( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ

وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ

مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا

تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)


ولو تأملنا أن الحكم يشترك فيه الذكر والأنثى .. والتوبة للإثنين معا .. فليست للذكر دون الأنثى كما تغلغل في أذهاننا..

أخي الواقعي جميع الآيات لم تفرق بين ذكر وأنثى أو حر وعبد أو أبيض وأسود أو عربي وأعجمي ..

ولكن الذي يفرق بين ذلك هو الهوى قاتله الله .. وتلك العادات التي ما أتى الله بها من سلطان ..

والمشكلة أن تلك العادات بعضها اصطبغ بصبغة الدين وهي ليست من الدين في شيئ ..

لقد وضع الله للمسلم منهجا لحياته بها تصلح أموره وأحواله .. وفي الآيات السابقة ذلك المنهج الذي يعالج مشكلة الزنا

الذي قد يواجهه المسلم في حياته .. والانسان لا زال يكابر ويتعالى على علم الله ويظن أنه أعلم من الله وهذا نسأل الله

السلامة من الابتلاء والامتحان لتلك النوعية من البشر الذين يتعالون على علم الله يقول تعالى (( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ))

ويقول تعالى في سورة الكهف (( الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا )) ..

ليس هناك مُكلف على مصائر الخلق في الدنيا ومن أُمر بذلك فليس له أن يخرج عن الكتاب والسنه فهما دليلاه .. وما زاد على

ذلك فهو صفاقة البشر وجهلهم .. وعاداتهم التي أصبحت عبادات ..


أشكرك أخي الواقعي على هذا الموضوع .. والله أسأل أن يصلح أحوالنا و يهدينا صراطه المستقيم ..


منــافــح ..