يتبع

فيا من غدا لإعتاق نفسه جد واجتهد واغتنم زمن الصبا وسل الله الثبات حتى الممات وأكثر من قولك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ويا من غدا لإهلاك نفسه وإيباقها ، وأمهله الله عد إلى الله وتب إلى الله بادر في فكاك رقبتك من النار فأنت في زمن الإمكان عد إلى الله تجد الله توابا رحيما إن الله يقول (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) وهو القائل سبحانه (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار) وهو القائل "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالى يا ابن أدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بتراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بترابها مغفرة"
سبحان من يعفو ونهفو دائما *** ولا يزل مهما هفا العبد عفا
يعطى الذي يخطئ ولا يمنعنه *** جلاله عن العطى لذي الخطى
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم" اللهم اغفر لنا اللهم ارحمنا اللهم تب علينا اللهم يا من رحمته وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك . الله عز وجل رحيم والله عز وجل كريم وسبقت رحمته غضبه ها هو سبي يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبين السبي امرأة ضيعت ولدها تبحث عنه يمينا وشمالا حتى وجدته فضمته إلى صدرها ضمة الأم لابنها الذي أضاعته والرسول صلى الله عليه وسلم يراقبها فيقول لأصحابه أترونها طارحة ولدها في النار قالوا لا والله وهى تستطيع ألا تطرحه قال الله أرحم بعباده من هذه بولدها فيا من رحمته وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك هاهو رجل من بنى إسرائيل موحد لم يشرك بالله شيئا ارتكب الموبقات سرق وزنا وغش وارتكب السيئات وحلت به سكرات الموت ساعة الموت الذي يذعن فيها الجبارون ويذعن فيها المتكبرون جمع أبنائه في ساعة لا ينفع فيها مال ولا ولد وقال لهم أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال فوالله ما عملت خيرا غير أني موحد لم أشرك بالله عز وجل فإذا أنا مت فأضرموا النار ثم ضعوني فيها حتى أصبح رمادا ثم اسحقوني ثم زروني مع الريح لئن لقيت الله ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين ومات الرجل ونفذوا وصيته حرقوه وسحقوه وزروه مع الريح فتفرق على الجبال والسهول والوهاد والأشجار والأحجار لكن الذي بدأه أول مرة أعاده قال الله سبحانه وتعالى له كن فكان كما كان قال يا عبدي ما حملك على ما صنعت أما تعلم أني أغفر الذنب وأستر العيب قال يا رب خشيتك وخفت ذنوبي قال فأشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له وأدخلته الجنة يا من رحمته وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك أخيرا هذا نموذج لغاد غدا في إيباق نفسه ثم أمهله الله عز وجل فغدا لإعتاق نفسه وهي قصة لعل فيها عبرة رجل عمره ما بين الثلاثين إلى الأربعين عربد وأفسد وصد وند عن الله عز وجل يقول عن نفسه ما كنت أنام ليلة من الليالي إلا على شربة خمر أو زنا قال ويشهد الله وأتزوج بامرأة فأزداد في عنادي وطغياني ، أترك الحلال في البيت وأذهب أطلب الحرام في خارج البيت قال وجئت ليلة من الليالي بعد أن ولدت لي هذه الزوجة بنتا وأصبح عمرها خمس سنوات قال جئت في ليلة من الليالي فتواعدت مع أصحابي على أن نشرب الخمر في مكان معين ويشاء الله عز وجل لي أن أبتعد عن هؤلاء وأتأخر عن الموعد بدقائق فجئت فإذا هم قد ذهبوا ذهبت يمينا وذهبت شمالا أبحث عنهم ما تركت مكانا إلا وبحثت عنهم فيه لا حبا فيهم ولكن كيف أنام ليلة بلا زنا و لا شرب خمر لا إله إلا الله يوم يصد الإنسان ويند عن الله عز وجل قال ثم ذهبت إلى صديق سوء آخر عنده من الأفلام الخليعة ما يستحي إبليس أن ينظر إليها قال فذهبت إليه وأخذت منه فيلما خليعا قال ورجعت إلى بيتي في الساعة الثانية ليلا ـ لا إله إلا الله ـ الساعة هذه الثلث الأخير من الليل يتنزل فيها الرب سبحانه وبحمده نزولا يليق بجلاله يقول هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له هل من تائب فأتوب عليه ثلث الأوابين ثلث التوابين ، قال دخلت بيتى والناس على قسمين ما بين عبد وقف بين يد الله دموعه تهراق على خده من خشية الله وما بين أناس يرضعون المعاصي في تلك اللحظة وأنا واحد منهم قال فدخلت فنظرت لزوجتي وابنتي فإذا هما نائمتان فدخلت في مكان فيه هذا الجهاز الخبيث الذي لطالما دمر كثيرا من البيوت جهاز الفيديو وما يستتبع هذا الجهاز من أفلام تعلمونها يا أيها الأحبة يذكر أحد المشايخ في الأسبوع الماضي أنه في <مكة> وفي بلد الله الحرام ستة عشر فيلما جنسيا يستحي إبليس أن ينظر إليه سجلت في وسط <مكة> وتباع في وسط <مكة> أين تقوى الله في حرم الله يبارز الله والله لنحن عند الله لا نساوي شيئا متى ما تركنا أمره يدمرنا ولا يبالي سبحانه وبحمده قال وأدخلت هذا الشريط في هذا الجهاز وأغلقت الباب وقمت أنظر في مناظر أكرم الله هذه الوجوه عن تلك المناظر قال وإذ بالباب يفتح فدهشت وخفت وزعرت وإذا بها ابنتي الصغيرة التي عمرها خمس سنوات تدخل عليّ من الباب تحد فيّ النظرات وتقول عيب عليك يا والدي اتق الله عيب عليك يا والدي اتق الله قال تجمدت مكاني وبقيت أفكر في هذه الكلمات من علمها من أنطقها إلا رب الأرباب سبحانه وبحمده قال بقيت أفتش في نفسي من أين جاءت هذه الكلمات فقلت لعل أمها لقنتها هذه الكلمات قال وذهبت فإذا بها نائمة وإذا بأمها نائمة قال فخرجت أهيم على وجهي وأنا أتذكر قولها عيب عليك يا والدي اتق الله قال و بينما أنا في حيرتي واضطرابي ودهشتي وإذا بهذا المنادي ينادى الله أكبر الله أكبر نداء صلاة الفجر الذي حرمه كثير من المحرومين الغافلين قال فاتجهت إلى المسجد مباشرة ودخلت دورات المياه واغتسلت وتوضأت ودخلت مع المسلمين أصلي قال ويوم سجدت مع الإمام انفجرت في البكاء لا شعوريا بدأت أبكي تذكرت فضائحي وتذكرت جرائمي وتذكرت قدومي على الله آلمتني الكبيرة ولسعتني الفاحشة قال وبعد أن انتهت الصلاة وإذا برجل بجانبي يقول ما بك قال سبع سنوات ما سجدت فيها لله سجدة بأي وجه ألاقي ربي سبع سنوات ما سجدت فيها لله سجدة بأي وجه ألاقي ربى وبقي مكانه يتذكر ما كان منه من صدود ومن هرب عن الله عز وجل وأين المهرب منه إلا إليه قال ويحين وقت الدوام قال وأذهب للدوام من المسجد وأدخل إلى دائرتي التي أعمل فيها وفيها رجل صالح لطالما ذكرني بالله ولا أسمع له قال ويوم دخلت عليه قال أهلا بك والله إن بوجهك شيء غير الوجه الذي أعرفه منك سابقا فما الذي حصل قال كان من أمري كذا وكذا وأخبره بقصته في تلك الليلة ثم استأذنه ليذهب وينام فنزل من عنده وأذن له ونزل إلى المسجد ليصلي في مسجد الإدارة التي يعمل فيها قال وجئت لوقت صلاة الظهر زميله الذي يعمل معه قال ودخلت ويوم دخلت المسجد فإذا به أمامي يصلى ولما رآني ذرف الدموع واعتنقني قلت له لِمَ لم تذهب لبيتك لتنام ، قال إن بي شوقا عظيما إلى الصلاة ، سبع سنوات ما ركعت فيها لله ركعة بأي وجه ألاقي ربى ثم تواعدا على أن يلتقيا في الليل وذهب إلى بيته وذهب هذا إلى بيته ويوم دخل على أهله في البيت وإذ بزوجته تصرخ في وجهه وتقول ابنتك ماتت منذ لحظات فما كان منه إلا أن انهار وبدأ يردد عيب عليك يا والدي اتق الله عيب عليك يا والدي اتق الله يرددها ويذكر أنها ذكرته بالله عز وجل فيأتي زميله بعد أن اتصل به وأخبره الخبر فجاء إليه وقال احمد الله الذي أرسل إليك ابنتك قبل أن تموت لتذكرك بالله ولم يرسل لك ملك الموت ليقبض روحك ثم غسلوها وكفنوها وصلوا عليها ثم ذهبوا بها إلى المقبرة ويوم وصلوا إلى المقبرة قال زميله خذ ابنتك وضعها في لحدها يريد إن يربيه ليعلم أن المصير إلى هذا المكان فأخذ ابنته بين يديه دموعه تسيل على كفنها
وليس الذي يجري من العين ماؤها *** ولكنها روح تسيل فتقطر
جاء وأدخلها في لحدها وقال كلام أبكى جميع من حضر الدفن قال أنا والله ما أدفن ابنتي ولكني أدفن النور الذي أراني النور هذه البنت أرتني نور الهداية بعد طول ضلالة وغواية فأسأل الله أن يجمعه بها في جنات ونهر فيا أيها الحبيب عد إلى الله واعتق نفسك من النار إذا رأيت صدودا وقسوة في قلبك فتذكر ليلة من الليالي وأنت بين أهلك سعيدا وتذكر ليلة من الليالي وأنت على فراشك الوثير ثم تذكر الأخرى وأنت تفترش التراب
تالله لو عاش الفتى في دهره *** ألفا من الأعوام مالك أمره
متلذذا فيها بكل لذيذة *** متنعما فيها بنعم عصره
ما كان ذلك كله في أن يفي *** مبيت أول ليلة في قبره
يا من يرى مد البعوض جناحها *** في ظلمة الليل البهيم الأَلْيَلِ
ويرى نياط عروقها في مخها *** والمخ في تلك العظام النُحَّلِ
اغفر لجمع تاب من زلاته *** ما كان منه في الزمان الأول
اللهم اهدنا واهد بنا ويسر الهدى لنا اللهم إنا نشهدك بهذه الساعة المباركة أنا تبنا إليك وأنبنا ربنا إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .

فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني